تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


خيار الوطن.. ولا وطن

معاً على الطريق
الأحد 1-2-2015
مصطفى المقداد

لو قدِّر لكل واحد منا أن يختار، لتعددت الخيارات وتغيرت النتائج، لكن الخيارات المجتمعية تنحصر وتضيق احتمالاتها لخيارين ليس إلا، أما المنزلة بين المنزلتين فهي اختيار الكاذبين والخانعين والضائعين ممن لا يمتلكون أدنى معنى للشرف والكرامة.

ينحصر الخياران بين الوطني واللاوطني بين الشريف والخائن، وبين الانتماء والخيانة، بين الكرامة والتبعية، فالأمر ينحصر في ضدين لا يمكن لهما أن يلتقيا مهما كانت الظروف ومهما كانت الضغوط ومهما كانت المتغيرات.‏

ليست القضية مسألة تشدد وتزمت عند حدود فكرة أو معتقد ما، فالأمر لا يتعلق بالمعتقدات والمفاهيم والأيديولوجيات السياسية والاجتماعية، كما أنه لا يتعلق بالمواقف من السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك لا يرتبط بموقف من السياسة الثقافية والتعليمية والطريقة التي تتم فيها إدارة المؤسسات والهيئات الحكومية، ولا في شكل الإدارات ومستوياتها العلمية وخبراتها العملية، ولا حتى في طريقة وآليات المشاركة في الحكم، فأين جوهر الاختلاف في تحديد الخيار المصيري على المستوى الشخصي والمجتمعي والوطني؟.‏

جوهر الاختلاف باعتقادي يتمثل في الانتماء للوطن أو الخروج عنه وهو الموضوع الذي تم العمل عليه مطولاً بحيث تخرج مجموعة أفراد تحت تأثير المال والإغراء والإغواء خارج المنظومة المجتمعية الوطنية فتتبنى بصورة علنية أفكار الخيانة والعمالة والتبعية دون وازع أو رادع وبذلك تتحول قضية الوطن والوطنية إلى وجهة نظر، شأنها شأن الخيانة والعمالة والتبعية للعدو، وأي عدو هو ذلك العدو- إنه العدو التاريخي الذي ما كان يوماً ولن يكون في يوم قادم من إمكانية لعقد صفقة صلح حقيقية معه، فالصراع مع هذا العدو صراع تناحري إلى آخر الحدود، وليس ثمة أمل من إنهاء هذا الصراع بطريقة تفاوضية تحت أي ظرف من الظروف، وإن معاهدات واتفاقيات الصلح والمصالحة لا تعدو كونها اتفاقيات للهدنة لن تلبث أن تسقط في مراحل لاحقة، فضلاً عن أن العدو ذاته لا يلتزم حتى ببنودها أصلاً.‏

إن التغيير في البنية السيكولوجية والنفسية لبعض الأفراد ممن يتم العمل على دفعهم إلى واجهة الأحداث ويتم توظيف قنوات الإعلام لخدمتهم وتقديم أفكارهم اللعينة بصورة عدوانية، هو ما أمكن أن يمثل خرقاً في جدار الوطنية واختراقاً في سور الانتماء، فيبرر الساسة والسياسيون حمل السلاح ويصفون التمرد والإرهاب بالدفاع عن المدنيين المتظاهرين بطريقة سلمية في الوقت الذي يصول ويجول الباطل في الساحات التي اخترقوها.‏

صحيح أن ثمة اختراقات نفذتها شخصيات مصنعة في أقبية الاستخبارات الأميركية والغربية والصهيونية، وصحيح أن إمداداً مادياً ومالياً كبيراً وضع في خدمتها، وصحيح أن إمكانيات الغرب الاستعماري الاستخباراتية والمعلوماتية وضعت في خدمتها أيضاً، وصحيح أن الغرب وضع الأقمار الصناعية في خدمة التجسس على تحركات الجيش الوطني، وصحيح أن الحكومات الغربية الاستعمارية كلها سعت للتغطية على الأكاذيب التي يسوقها أولئك المصنعون في الغرف المظلمة للاستخبارات الغربية، وصحيح أن محاولات الغرب الاستعماري لم تنقطع عن توظيف المنظمات الدولية والإقليمية، فضلاً عن بعض المؤتمرات والتظاهرات الإعلامية لبثِّ الروح من جديد في جيفة أولئك اللامنتمين، لكن كل تلك الجهود المدعومة بأكثر من ترليون دولار من أموال النفط الخليجي لم تؤثر في وجدان أي مواطن منتمٍ تسليماً أو برهاناً لأبناء جلدته ممن تقاسم معهم الآلام والهموم وتطلع وإياهم لآمال مرتقبة تستعيد الدور الحضاري لأمة لن يكون لها إلا أن تقوم بذات الدور الذي بدأته منذ فجر البشرية.‏

إنها الحرب بين منتمٍ يمثل الوجدان والحق، واللامنتمي ممن أنشق عن جسد الوطن فطفا على السطح حيناً، لكنه يتبخر بالتأكيد بعد حين.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 مصطفى المقداد
مصطفى المقداد

القراءات: 11634
القراءات: 950
القراءات: 886
القراءات: 865
القراءات: 904
القراءات: 929
القراءات: 972
القراءات: 894
القراءات: 945
القراءات: 1006
القراءات: 964
القراءات: 955
القراءات: 974
القراءات: 973
القراءات: 977
القراءات: 1072
القراءات: 1006
القراءات: 1055
القراءات: 1063
القراءات: 1044
القراءات: 921
القراءات: 991
القراءات: 1038
القراءات: 1041
القراءات: 952
القراءات: 1091

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية