بل إن الغرب الذي حنث بوعوده لها منذ زيارة الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون عام 1994 بإنشاء مفاعلين نوويين يعملان بالماء الخفيف هو الذي دفعها لتطوير ردعها النووي.
منذ ذلك التاريخ يضغط الغرب على بيونغ يانغ ويتنصل رغم انخراطها منذ 2005 بالسداسية لتفكيك برنامجها النووي فالمفاوضات المتقطعة والبطيئة دفعت القيادة الكورية الديمقراطية إلى إلقاء حجر في مياه ملفها الراكدة، فأجرت عام 2006 أولى تجاربها النووية الصاروخية والتي كانت بمثابة طريقة أجبرت واشنطن على تغيير خطابها وتقديم تنازلات مهمة تجسدت في اتفاق 2007 على بعد خمسة أشهر من التجربة النووية الاولى.
ومرة أخرى القت بيونغ يانغ بحجرها النووي لتحريك ملفها الذي غاب من مشهد الاهتمام الدولي ليكون جنوب آسيا في أفغانستان وجوارها مركز جذب الاستراتيجية الاميركية التي تركت بيونغ يانغ تحت رحمة انتظار وعودها بالمساعدات ورفع اسمها من قائمة الارهاب منذ عام.
التجارب الكورية احدثت هزة تحت الارض وأخرى سياسية فوقها وترددت ذبذباتها في أرجاء جنوب شرقي آسيا فرفعت حالة التأهب الاميركي هناك إلى الدرجة ماقبل الثانية خاصة ان بيونغ يانغ هددت بالانسحاب من معاهدة الهدنة مع جارتها الجنوبية.
المجتمع الدولي الذي يدرك خطورة المشهد يدرك ايضاً محدودية خياراته تجاه تحدي كوريا الديمقراطية التي أعلنت أن تشديد العقوبات عليها بمثابة اعلان حرب.
أزمة الملف الكوري تعيد الدبلوماسية الاميركية خاصة والغربية إلى صحوة المربع الاول، فتأجيل حل الملفات الساخنة والملحة بمناطق قابلة للاشتعال يضع الأمن الدولي على حافة الهاوية، فأزمات العالم متشابكة ومتداخلة احياناً، فإطفاء نار في أفغانستان مثلاً لايعني النصر في إخماد شرارتها في مكان آخر، وكذلك الوضع في الشرق الأوسط وفي جنوب شرقي آسيا التي تتمسك الصين وروسيا بالدبلوماسية كمفتاح وحيد للحل لقربهما الجغرافي أولاً من شرارة الازمة التي تركت المنطقة على حافة سباق تسلح مرعب.
نجحت الدبلوماسية الصينية والروسية مراراً في اعادة كوريا الديمقراطية إلى طاولة السداسية ولجم تشديد العقوبات عليها ولكن ماذا لو افلت زمام الامور هذه المرة من عقال الدبلوماسية؟!.
سؤال برسم الادارة الاميركية التي هددت بيونغ يانغ بدفع الثمن فيما تعلق الاخيرة آمالاً على خارطة طريق جديدة لحل كل أزماتها مجتمعة.