تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حين يقلق أوباما..!!

الافتتاحية
الأحد 24-4-2016
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

الرئيس الأميركي قلق.. خبر يتقدم على سواه وإن لم يحظَ بما تقتضيه الأعراف و«البروباغندا».... بل هو أعلى سقف من الوضوح السياسي حين يعلن الرئيس أوباما القلق مما يجري في سورية،

فبدا «مؤثِّراً».. «مُعبِّراً» عن أميركا التي قادها !!، وهو يستدرّ عطفاً كاد يُبكي من سمعه !!، إلى درجة أن الكثيرين ممن تابعوا ولاحظوا قلقه أبدوا خشيتهم من تداعياته على مستقبل الرئيس أوباما ولن يترددوا في إعلان القلق على قلق الرئيس، ومدى التأثير على حُسن الختام في الأشهر المتبقية له في البيت الأبيض، وإن كان التساؤل بجانبيه البريء منه وغير البريء يطرح لسان حاله الذي يقول: هل كان قلقه من مخاطر تفشي الإرهاب، أم على اندحاره وانكساره على يد الجيش العربي السوري.. وهل سيحمل الرئيس أوباما ذلك القلق معه بعد مغادرة البيت الأبيض، أم أنه مرهون فقط بوجوده ؟!!.‏

قد لا تكون المعضلة في مضمون الإجابة، ولا في الخشية من أن تكون عدوى القلق قد انتقلت بحكم التبعية السياسية، من بان كي مون إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، بقدر ما هي في عوامل ذلك القلق ومدى التطابق أو التقاطع في دلالته، وما يحمله من عوامل عجز اعتدنا عليه مع الأمين العام للأمم المتحدة الذي لم يكن بمقدوره في أفضل الحالات إلا أن يعلن قلقه، ويعبّر عنه، ولو اختلفت المفردات فإن المشاهد والظواهر تتطابق.‏

فالرئيس أوباما لم يخفِ خيبته، ولم يداور في التعبير من عجز مزدوج بدا أكثر وضوحاً بعد قمّته مع المشيخات التي حسب زعمه تريد أن ترى دستوراً جديداً في سورية، أو - في الحدّ الأدنى- أوصلت مطالبها للرئيس أوباما بضرورة وجود دستور، مع أنها جميعها لا تعرف معنى الدستور، ولم يشعر بالحرج وبالقلق وهو يردّد ما قالته، وربما هذا يُفسّر جانباً مهماً وأساسياً من عوامل القلق لديه والنتائج التي تقود إليها، حيث الفارق يتضح أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً حين يرتبط الأمر برئيس الدولة العظمى التي تسيّدت المشهد الدولي لعقود خلَت، وتحاول اليوم أن تنازع في ربع الساعة الأخير على ما تبقى لها من نتف تلك السيطرة ومؤشرات الهيمنة الزائلة.‏

الواضح أن قلق أوباما من حيث الشكل لا يختلف، كما أنه لا يفترق عنه في المضمون بدليل أن عوامل الإحباط هي ذاتها التي يشكو منها أوباما، وفي الحالين ثمة تطابق في النتائج، مع فارق كبير في الرسائل.‏

نعتقد إلى حدّ الجزم بأن على أوباما أن يشعر بالقلق لكن لعوامل مختلفة، ولأسباب أكثر وجاهة، حيث على أميركا أن تقلق من فشل أدواتها، وأن تقلق من عجز مرتزقتها، وأن تقلق من تراجع تأثيرها وحضورها على المسرح العالمي، وأن تقلق من انحسار هيمنتها على الساحة الدولية وأن تقلق من فشل مشروعها الذي يمهّد لفشل مدوٍّ لتحالفات وتفاهمات إقليمية ودولية بنَت وتبني عليها أميركا منذ أكثر من عقد من الزمن، وأن تشعر بالذعر لمساحة الخلل الناتجة عن مقاربات بالغت في الخطيئة، وتعمّدت الغوص في أوحال العلاقة مع التنظيمات الإرهابية، وأن تقتنع أنها خسرت رهانها على الإرهاب وداعميه ومموّليه وأن الجولة تسجِّل أكبر خسارة سياسية تُمنى بها السياسة الأميركية على مدى عقود خلَت.‏

واللائحة تطول، وتتراكم من حولها الحسابات الجزئية الخاسرة كما تُعلن إفلاس الخيارات الاستراتجية الكبرى وفي المقدمة توظيف الإرهاب والاستثمار والرهان على أدوات إقليمية تدخل طور الهزيمة غير المعلنة تمهيداً لإعلان قادم واعتراف لا بد منه في نهاية المطاف، لكن كان على أوباما أن يُبدي ما هو مغاير للقلق بمنطق الحقائق التي عادة ما يغفلها الرؤساء الأميركيون ولا يُتهم بها، وهي أن سورية التي واجهت الإرهاب كانت تدافع عن المنطقة والعالم، ولم تكن أميركا ذاتها بعيدة عنها.‏

ليبدِ الرئيس ما يشاء من القلق، وليتكلم حتى إشعار آخر بلسان المشيخات ومطالبها، لكن الواقع سيبقى شيئاً آخر غير الذي عبّر عنه، والقلق هنا لا يقدِّم ولا يؤخِّر، حاله في ذلك حال قلق الأمين العام للمنظمة الدولية الذي بالرغم من ممارسته لسنوات خلت، إلا أنه لم يُجدِ في إخراج المنظمة من عجزها، ولم يَحُل ولو لمرة واحدة في وقف عدوان أو التخفيف من آثاره ولو سياسياً.‏

ونستطيع أن نجزم أن قلق أوباما أيضاً لن يعدِّل ولن يغيِّر ولن يعيد إلى أميركا سطوتها وهيمنتها، ولن يقود أدواتها في المنطقة وتحالفاتها مع التنظيمات الإرهابية إلى واقع مغاير لما لمسه، وهو الفشل والعجز وانهيار المشروع الأميركي وعودة إلى الانكفاء الاضطراري ولو لبعض الوقت لمراجعة الكثير مما أقدمت عليه أميركا في ولايته، وللتقليل من فائض النفاق الذي يبدو أن قلق أوباما في أفضل توصيفاته لا يعدو كونه فصلاً جديداً من فصوله.‏

a.ka667@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7074
القراءات: 990
القراءات: 1146
القراءات: 935
القراءات: 938
القراءات: 924
القراءات: 1050
القراءات: 888
القراءات: 826
القراءات: 919
القراءات: 972
القراءات: 859
القراءات: 796
القراءات: 849
القراءات: 1052
القراءات: 926
القراءات: 745
القراءات: 935
القراءات: 957
القراءات: 1017
القراءات: 973
القراءات: 846
القراءات: 1020
القراءات: 928
القراءات: 1056

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية