في الوقت الذي تُدوّي فيه أصواتهم وقتما ترتفع أسعار هذه المواد ويطالبون برفع قيم العقود المُبرمة مع الدولة بما يوازي الارتفاعات الحاصلة على الأسعار ، ويستمرون بمطالباتهم دون توقف إلى أن تقوم الحكومة بإصدار التعليمات اللازمة والكفيلة بإيجاد ما يُسمى بالتوازن السعري ، وقد قامت الحكومات السورية المتعاقبة باتخاذ مثل هذا الإجراء مرات عديدة ودون أي تردّد حيث أثبتت صدقيتها في تطبيق قانون العقود بهذا الشأن ، غير أنَّ القانون نفسه أورد إجراء آخر ومُعاكس في حال تراجعت الأسعار ، فهو في هذه الحالة يُقرُّ بتصحيح حساب فروقات الأسعار وينص على أنه إذا طرأ بعد تقديم العرض هبوط في الأسعار فإن الجهة العامة تتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها المتعهد .
المقاولون لم نسمع صوتاً لهم اليوم وسط هبوط الأسعار الواقع حالياً ، وفي الحقيقة لم نكن نتوقع أن نسمع لهم صوتاً من هذا القبيل يقول للحكومة تعالي وخفّضي قيم العقود بما يتوازى مع تراجع أسعار مواد البناء فقد سكتوا على الموضوع على أمل .. وعسى ولعل أن تنسى الحكومة ذلك فيقتنصون حفنة أرباح مزوّرة، وهم بذلك في الواقع فوّتوا على نفسهم فرصة موقف وطني نبيل من خلال التعامل بمسؤولية مع المال العام ، ولن يستطيعوا بعد اليوم أن يعوّضوا تلك الفرصة بعد أن أصدر السيد رئيس مجلس الوزراء تعميماً طلب فيه من جميع الإدارات والجهات العامة صاحبة المشاريع القيام بتصحيح حساب فروقات الأسعار لجهة تخفيضها نظراً لهبوط أسعار عدد من المواد الأساسية الداخلة في تنفيذ بنود أعمال المشاريع طبقاً للقانون .
ما نزال فقراء – على مايبدو – لثقافات عديدة فهل نحلم مثلاً أن نصل إلى يوم نتخلى فيه عن الإفراط من ثقافة الطمع وننمي بداخلنا ثقافة العفَّة ..؟
Ali.gdeed@gmail.com