تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كــازانوفــــــا

معاً على الطريق
الخميس 21-5-2009م
عبد النبي حجازي

عندما يُذكر كازانوفا تسبقه شهرته في أنه ذاك العاشق أبو المغامرات الغرامية الذي غدا مثالاً لكل زير نساء، ولئن كان «دون جوان» شخصية تترجح بين الحقيقة والخيال وكانت النساء يتهافتن

عليه فإن كازانوفا شخصية من لحم ودم وهو الذي كان يتهافت على النساء يندس في المجتمعات المترفة بحثاً عن مغامرة جديدة ما إن ينتهي منها حتى يبدأ بواحدة أخرى.‏

عاش كازانوفا في القرن الثامن عشر، ولد في مدينة فينيسيا «البندقية» الإيطالية وحصل على شهادة الدكتوراه في الحقوق وهو في مطلع شبابه وألف عدداً من الكتب والمسرحيات، وعاش عمراً مديداً أبرز مافيه أنه تنقل من بلاط إلى بلاط يلقي الشعر بين أيدي الملوك والأمراء في معظم عواصم أوروبا مثل روما ومدريد وباريس وبرلين ووارسو ونال ماشاء من الحظوة والتكريم وكانت سيرته الذاتية أكثر كتبه شيوعاً تحدث فيها عن حياته الشخصية وعن مغامراته التي خاضها مع «122» امرأة.‏

كتب كثيرون عن كازانوفا وكان أبرزهم الكاتب النمساوي «ستيفان زيفايج» 1881 - 1942 الذي يرى أن الأدب ليس تعبيراً عن الحياة، وإنما هو وسيلة للسمو بها وإدراك مآسيها ومباهجها بصورة أكثر وضوحاً وتفهماً. ألف زيفايج كتباً عن معظم المشاهير وكتب عن كازانوفا بأسلوب ساحر آخاذ، يقول عنه: سواء أكانت في مغامرته نسبة كبيرة أم صغيرة من الصدق فهي نموذج لهرطقات الطفل المدلل الذي لم يكبر أبداً رعته جدته وعندما توفيت دخل الدير في مقتبل حياته لكنه طرد منه. إنه ليس «بيضة الديك».‏

في أوروبا منذ الحربين العالميتين الأولى 1914 والثانية 1945 اضمحلت تلك الأجواء المخملية المترفة التي كانت سائدة خلال القرن التاسع عشر وماسبق وطغى الجانب المادي في حضارتها على الجانب الروحي بسبب التقدم العلمي الذي خلف المآسي والدمار والويلات على حساب التقدم والنمو وتزامن مع نشوء الرأسمالية والانتقال من الاستعمار العسكري إلى الاستعمار الاقتصادي الذي لايزال سائداً، كما اختلفت مفاهيم الترف باختلاف طبيعة الحياة المعاصرة وتركزت على مكتسبات الأفراد الشخصية وغلب على إنسانها التغريب والتشيؤ في مجتمع متماسك مادياً منفلت إنسانياً.‏

أما مجتمعاتنا العربية التي استفاقت من الاحتلال العسكري وبدأت تأخذ بأسباب التقدم الحضاري المادي فقد أصبحت مفتوحة «نسبياً» في مصر ثم في سورية ولبنان حتى مرحلة الستينيات بفعل ارتياد دور السينما والمسرح وطفا على السطح أولئك النرجسيون الذين يبرقش واحدهم نفسه ويتماهى في «دون جوان» أو في كازانوفا على شكل أحلام أو هواجس وربما أوهام على أن النساء يتهافتن عليه كما يتهافتن على دون جوان أو يسيح في الأجواء الوردية التي حظي بها كازانوفا بأوهام الجرأة وربما الوقاحة في خوض المغامرات أو في روايتها فبدا غثيثاً ممجوجاً في مجتمعات لاتزال محافظة.‏

وبعد انتشار القنوات الفضائية اختلط الحابل بالنابل وكثر النجوم «على الهواء» مباشرة وأفلتت الأمور من عقالها. anhijazi @ Gmail. com‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 21/05/2009 01:46

لم تركب المقالة في رأسي بإحكام , إذ أراها مفككة .

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 عبد النبي حجازي
عبد النبي حجازي

القراءات: 2148
القراءات: 1086
القراءات: 1095
القراءات: 1083
القراءات: 1286
القراءات: 1111
القراءات: 1047
القراءات: 1332
القراءات: 1299
القراءات: 1152
القراءات: 1682
القراءات: 1208
القراءات: 1770
القراءات: 1250
القراءات: 1206
القراءات: 1307
القراءات: 1245
القراءات: 1328
القراءات: 1311
القراءات: 1322
القراءات: 1538
القراءات: 1696
القراءات: 1484
القراءات: 1402
القراءات: 1834

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية