ومن حسن الحظ أن الاتحاد لا يتبع للجامعة العربية وهو يمثل منظمة عربية ليس لها أي أهداف أو غايات سياسية، ورغم ذلك كانت سورية حاضرة وبقوة في عقول وقلوب المشاركين في ملتقى الاتحاد الذين أكدوا بحماسة وقوفهم إلى جانب قلب العروبة النابض في تصديه للمقاطعة الاقتصادية الأوروبية ولمقاطعة بعض أشقائه وللأسف من الدول العربية وللتعبير عن ذلك أعفى الملتقى سورية إلى جانب مصر وفلسطين من الاشتراك السنوي للاتحاد.
وإذا كان هدف الملتقى نقل التجارب العربية في حماية المستهلك، فإنه تبين من خلال مداخلاته أن آلام المستهلك العربي تأتي من الغرب ومحاولة بقاء أبناء بلاد العرب مجرد مستهلكين لا منتجين وبذات الوقت تبقى هذه البلاد منهوبة الخيرات من نفط وأموال.
وكشفت أوراق الملتقى صراحة أن استمرار سيطرة أرباب الليبرالية الجديدة على مقدرات معظم الشعوب العربية دفع بالملايين من المستهلكين العرب لأن يكونوا ضمن الفقراء والعاطلين عن العمل وهذا ما يهدد في نهاية المطاف معادلة الأمن الاجتماعي.
وإذا كان واقع ظروف المستهلك العربي متشابهة إلى حد بعيد حيث يشكو غلاء الأسعار دون انقطاع بعدما اختفت الطبقة المتوسطة في ظل تطبيق اقتصاد السوق الحر والانفتاح على الاقتصاد العالمي وتحول العرب إلى مجرد مستهلكين لا منتجين ومطلوب منهم أن يبقوا كذلك لتظل بلدانهم سوقاً لتصريف بضائع العالم بنوعيات متردية وبأسعار مرتفعة.
فإن التجربة السورية تبدو مختلفة تماماً حيث الاقتصاد الوطني فيها الاقتصاد العربي الأقوى رغم كل الأزمات لأنه مبني على أسس متينة على الإنتاج الحقيقي ولاسيما في ميادين الزراعة والصناعة لا على اقتصاد ريعي سريع الانهيار ومرتبط بالخارج.
إن سر قوة سورية أنها تلبي 90٪ من حاجاتها اعتماداً على الذات بل إنها تشكو من فائض الإنتاج، فبلد صغير مثلها يملك مئة مليون شجرة زيتون يعكس حضارتها الممتدة ملايين السنين حيث هي موطن الزيتون والزراعة في العالم وهي التي تعرف أن الحضارة الحقيقية أن تكون منتجاً لا مستهلكاً، قوياً بشعبك لا بالآخرين.