تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


العربدة.. وناقوس الخطر

الافتتاحية
الخميس 5-1-2012
بقلم رئيس التحرير علـي قـاسـم

لم تعد العربدة حكراً على الدبلوماسية ومعها الموفدون والمبعوثون وحتى المرافقون لهم بل تنتقل العدوى إلى السياسيين والناطقين الرسميين, وصولاً إلى الرؤساء والوزراء.

وبينما واشنطن تطلق اشارة البدء، تنطق العاصمة الفرنسية بما في داخلها ممزوجاً بمرارة التأزم الذي يواجه ساستها، لتلتقطها أدوات المخطط المزروعة في جنبات المنطقة عربياً وإقليمياً.‏

وإذ تبدو العملية برمتها محاولة لاستعادة محاور أولية، وربما أولى في المخطط، فإنها في سياق التسخين السياسي والإعلامي استنفار للأدوات تلك، للعودة إلى المربع الأول عبر اطلاق أمر عمليات جديد، أفصحت عنه مواقف الخارجية الأميركية، بينما كانت بالمنطق الفرنسي كعادتها فظة وغير عقلانية لتتلاقى وتتقاطع مع زيارة فيلتمان القاهرة .. والتسريبات عن لقاءات مكوكية ضاغطة في العاصمة العربية قد لايكون في جدولها أي لقاء مع الأشقاء المصريين إلا في الإطار البروتوكولي.‏

هذا التحريك الجديد للأدوات تقرؤه أغلب التحليلات على أنه يفتح الباب من جديد على تكهنات سابقة، كانت قد برزت قبيل بدء مهمة المراقبين العرب في سورية، وتتحدث عن خطط معدّة لإفشال هذه المهمة، ويبدو أن السياق الذي وضعت فيه لم يكن كافياً لدفع الأمور وفق ذلك المخطط، وكانت البدائل أن يتم التسخين السياسي كمقدمة لتعديل في الخيارات.‏

ولم تكن السهام المتتالية المنطلقة من غير مكان على عمل بعثة المراقبين خارج الإطار، بل ربما في صلبه وأساسه، حيث اعتمدت عليها الدبلوماسية الأميركية لدفع الملف نحو التصعيد، في حين أن الموقف الفرنسي لايحتاج إلى ذرائع كي يذهب بعيداً في تخيلاته وأوهامه، وهو الغارق حتى أذنيه في أزمات يبحث لها عن مخارج.‏

الأخطر في المسألة أنها تدار بالطريقة ذاتها مع تعديل في بعض الأدوات، أو تضخيم لبعضها مقابل تحييد لبعضها الاخر.. بينما الاستهداف والغايات تكاد تكون بالنمط ذاته مع تغييرات شكلية في المهام والأدوار، وهذا يعني أن الإفلاس والفشل والعجز لم يحلْ دون الاستمرار، ولم يلغِ المخطط كما أنه لم يوقف الدفع باتجاهه.‏

هذا على الأقل يقود إلى الاستنتاج بأن البدائل المطروحة هي اللجوء إلى حماقات جديدة قد لاتكتفي بما اقترفته في الماضي، بل تنحدر باتجاه ماهو أكثر خطورة، حيث الاحساس بالوصول إلى الحائط المسدود يمكن أن يورم تلك الرؤوس المنتفخة اصلاً بفتح بوابات للتصعيد السياسي والإعلامي، ولن يكون التحضير على الأرض خارجها، وهذا ما أفصحت عنه التسريبات الاستخباراتية والتقارير السرية مؤخراً.‏

لذلك, لم يكن صعباً إدراك خلفية التسخين الأميركي ومن خلفه الفرنسي، خصوصاً أن المعطيات الأولية وما تسرّب حتى الآن من مواقف لاتخدم النيّات المسبقة ولا التحضيرات الموازية التي اعتمدتها تلك الأطراف، بل تقود في اتجاه مغاير لم يستطع الأمين العام للأمم المتحدة تجاهله، حتى قال إنه من المبكر الحكم على عمل المراقبين وإن كان يتناغم في النهاية مع الأصوات المتعالية أميركياً وأوروبياً.‏

وبالقدر ذاته أيضاً, لم يكن مستغرباً أن يكون الهروب نحو الأمام أحد البدائل في اطار التغطية على أزمات عاصفة تهدد بليّ الذراع الأميركية، بينما تتوعد بشلّ اليد الأوروبية المتثاقلة والمغلولة اليوم وسط هموم ومتاعب على المستوى العام كما هي على المستوى الخاص.‏

عودة العربدة بالنسبة لنا مؤشر إفلاس واضح.. لكنه أيضاً وفي الوقت ذاته ناقوس خطر حقيقي يستدل منه بدء التحضير لجولة جديدة من التصعيد قد تكون الأخطر فيما شهدناه حتى اليوم.. وهي في ظل حماقات ومراهقات سياسية وتورمات وظواهر صوتية، وانتفاخات طارئة تحمل في طياتها أبعاداً ومعطياتٍ لاتستبعد من خياراتها أي وسيلة.. وهو على الأقل مايمكن فهمه من التناغم الصريح في التهجم على المراقبين وسيل الاتهامات لتنطق الخارجية الأميركية بتعويذتها المعتادة.‏

وحين تنطق بها.. لنا وللمنطقة أن نتوقع ما هو أبعد من معضلة أو قضية مراقبين.. وما هو أبعد من الادعاءات بالتعاون أو عدمه..!!‏

a-k-67@maktoob.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7094
القراءات: 1014
القراءات: 1172
القراءات: 958
القراءات: 959
القراءات: 946
القراءات: 1077
القراءات: 909
القراءات: 847
القراءات: 945
القراءات: 993
القراءات: 878
القراءات: 817
القراءات: 867
القراءات: 1071
القراءات: 950
القراءات: 768
القراءات: 957
القراءات: 979
القراءات: 1039
القراءات: 994
القراءات: 872
القراءات: 1042
القراءات: 951
القراءات: 1082

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية