وأيضاً جغرافيتها في ظل دساتير صحيحة وسليمة من ناحية شرعية إقرارها. أما فيما يتعلق بمواد أي دستور فهي دائماً محل نقد وشرح ومطالبات بالتغيير.
الدستور السوري الجديد أقره 7 ملايين ونصف مليون «تقريباً» من عدد من هم في سن الاستفتاء القانوني.. وهذا يعني أن الدستور أقر بنسبة تزيد على 50% ممن يحق لهم، وألاحظ هنا أن الإعلام الغربي والعربي المستغرب يفضل استخدام نسبة 90%.. ليس للإشادة، بل للتشكيك بنسب تصل 90%!!.
الاستفتاء على الدستور السوري وفي ظل مقاطعة بعض المعارضات ، نستطيع أن نفترض أن النسبة الغالبة من رافضي الدستور، غابوا عن الاقتراع.. رغم ذلك وعلى فرضية الحضور الكامل للمدعوين للاستفتاء وهو ما لا يتحقق في مكان في الدنيا ولم يتحقق في يوم من الأيام.. فإن الدستور أقر بشعبية فعلية وصحيحة وإرادة سليمة..
كما هو متوقع، اشتدت الهجمة على الدستور، وبدأ تحليل مواده وشرحها، لكن بعد أن بطل ذلك كله.. وأصبح من يهاجم الدستور إنما يهاجم إرادة الشعب السوري..!!
بالنسبة للمعارضة السورية، رفض كثير منها الحوار.. وابتعدوا عن المشاركة في كتابة مشروع الدستور والدخول في تفاصيله.. ثم استثارهم الغضب عندما أصبح دستوراً.. هل يصح أن نقول: لقد فوتم الفرصة سواء من ناحية كتابة الدستور أم من ناحية إقراره ؟!
بالنسبة للدول الأخرى.. هناك اصطفافان..
الأول عبرت عنه روسيا بترحيبها بالدستور وإقراره..
والثاني عبرت عنه الولايات المتحدة بغض النظر عن وقاحتها في التعبير التي أعتقد أن معظم الدول الرافضة للدستور لا تقبل بها.
وأينما كان موقف هؤلاء.. أم أولئك.. فالدستور سوري والمعني به السوريون أولاً، وماداموا أقروه فقد حسم الأمر، ولم يبق إلا أن نعمل لتسيير تطبيقه إلى أن يحين موعد إمكانية الدعوة لتعديله بعد عام ونصف العام..
الدستور خطوة.. مهما كانت رئيسية وهامة، هي خطوة تتبعها خطوات.. ومن المهم لسورية من أجل المساهمة بالخروج من المأزق، أن لا ترتكب بعض المعارضات الخطأ مرة ثانية فتغيب عن بقية الخطوات.. ولاسيما تشكيل الحكومة الموسعة العتيدة.. ومن بعدها الاستعداد للانتخابات.
إن موقف الرفض والسلبية مما يجري بانتظار التغيير الانقلابي لن يوصل لنتيجة.. أبداً.. وأفترض أن كل من في المعارضة يعرف ذلك، وسيقتله الحلم إن كان مازال مقتنعاً بجدارة الناتو أو دول الخليج للتغيير الديموقراطي في سورية.. ولينتبهوا جميعاً فقد تمترسوا في حالة من العناد والرفض وعدم القدرة.. في حين أن الجانب الآخر «القيادة السورية» استمرت بالتحرك بصمت وخطوة خطوة.. فوسعت من آفاق الأبعاد الداخلية والإقليمية والدولية، ليصبح الانقلاب عليها شديد الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً.
وبالتالي يمكن أن نرى أن دعوة الحوار التي قبلتها القيادة السورية كانت جديرة بأن يستجاب لها وهي أكثر جدارة اليوم.. دون تراجع عن مطلب وقف العنف الذي لابد أن يكون مادة أولى في الحوار.. ليظهر كل دوره وموقفه وإمكاناته في وقف العنف.
لقد اعتبر الاتحاد الأوروبي مجلس اسطنبول «الممثل الشرعي للسوريين الساعين للتغيير» .. يعني أنه قال كلمة بحق الهيئة الوطنية للتنسيق والمجموعات الأخرى ذات الطابع الوسطي في المعارضة، تشير إلى استصغار شأنهم.. وبالتالي قد يكون من المفيد للهيئة ولهذه المجموعات أن تختار الحوار بما يساعد على المضي في طريق الإصلاح وتعميقه وتطويره كما تراه وبما تمتلكه من فكر ومقدرة.
As.abboud@gmail.com