وهو ما يسلّط الإعلام الضوء عليه في مقابل ملامسة خجولة وغير مقبولة للمسار السياسي الذي ينطوي عليه هذا العدوان الإرهابي الصهيوني.
في الأصل مسار غزة هو مسار سياسي؛ كان كذلك وسيبقى في أجندة إسرائيل والولايات المتحدة والدول العربية والإقليمية المتحالفة مع واشنطن والكيان الصهيوني والمتواطئة معهما ضدّ الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، حيث الهدف واحد؛ ويتمثّل بكسر إرادة المقاومة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي؛ ومحاولة فرض خيارات الاستسلام على الفلسطينيين والعرب؛ وتصفية قضية فلسطين.
ولذلك فلا ينبغي القبول بتغييب المسار السياسي بذريعة ضرورات العناية بالمسار الإنساني الذي تتاجر به دول إقليمية ودويلات أعرابية تأتي في مقدّمتها تركيا؛ قطر والمملكة الوهابية؛ ومصر في إطار تجاذبات سياسية يراد من خلالها للمسار الإنساني أن يطغى على ما هو سياسي؛ ليتمّ في النتيجة النهائية تحقيق غايات إسرائيل السياسية؛ وأغراض هذه الأطراف التي تتضح يوماً بعد آخر من خلال ما يطرحه كلٌّ منها في إطار ما يسمّى بمبادرات وقف إطلاق النار والتوصل لهدنة توقف القتال وليس العدوان!!.
وإذا كانت المملكة الوهابية مفضوحة في الأدوار التاريخية التي قامت بها والتي تقوم بها اليوم لتصفية القضية الفلسطينية، وإذا كان من الواضح أن تركيا الإخوانية وقطر العميلة تلعبان أدواراً قذرة في جميع ملفات الصراع بالمنطقة، فإنّ ما ينبغي لمصر التي أقصت «الإخوان» أن تتنبه له جيداً هو أن تنتبه إلى دورها السياسي الذي يتوجّب عليها الاضطلاع به، وعليها ألاّ تثير علامات الاستفهام حول موقفها مما يجري في غزة والمنطقة؛ إذ لا يجوز لها أن تعاقب مليوني غزيّ في القطاع بسبب انحراف «قادة الإخوان» في حركة حماس عن الخطّ الوطني والقومي.
وربما ينتظر العرب والمصريون من القاهرة أن تظهر قدرة على الفصل بين «حماس» وأخطائها؛ وبين فلسطين التي تحتلها إسرائيل وتخطط لابتلاعها وإلى تهجير ما بقي من أهلها داخل أراضي 48 لتقيم دولتها العبرية اليهودية الخالصة، وبالتالي فإنّ فتح المعابر والهدنة ووقف العدوان ليست هدفاً بذاتها ولا يمكن أن تكون؛ فهناك مسار سياسي هو الأهم ولا يجوز التفريط بمفرداته؛ لأن القضية هي قضية شعب عادلة يجب الانتصار لها؛ وهي قضية حصار ظالم يجب الإسهام بفكّه ورفعه من دون تردّد؛ وهي قضية احتلال يجب العمل على إزالته بدعم خيار الشعب الفلسطيني وفصائله بمقاومة الاحتلال .. والمقاومة في القطاع ليست «حماس»!!.