تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أعراب تحت الطلب

الافتتاحية
السبت 2-8-2014
بقلم رئيس التحرير علـي قـاسـم

تصطف الأعراب تحت الطلب، بعد أن عرضت خدماتها بأنواعها، سواء التي كانت مدرجة في لائحة مهامها وأدوارها الوظيفية أم تلك التي رغبت في الإضافة عليها تحت ضغط المخاوف المتراكمة من الآتي المجهول، والهلع من مشهد انقلاب الطاولة وما يستدرجه من انتهاء حتمي لصلاحية الوجود والدور،

أو نتيجة نزوع ذاتي وتضامن مصيري مع إسرائيل!!‏

في الانتظار الطويل أبدت الكثير من الأعراب تذمّرها من بطء الحركة الأميركية وتبادلت مع الإسرائيلي لغة التشكيك في جدواها وفاعليتها، ولم يتردد بعضها في الغمز من قناة الأميركي دبلوماسياً وسياسياً، وصولاً إلى الحديث بصراحة عن عقم يصل حدّ العجز.‏

على لائحة الأولويات الأعرابية تكبر الهواجس وتكثر الشكوك المتبادلة، وتُصبح المخاوف المشتركة أبعد بكثير من مجرّد تخمينات، وتتحوّل الريبة إلى يقين حين تصطدم بكثير من السيناريوهات المرعبة الناتجة عن انقلاب الموازين، وتحوّل إسرائيل إلى لغة الاستجداء للخلاص من مأزق تتسع حوافه والضفاف المحيطة به، وتكبر من حوله الاحتمالات الأكثر خطورة في أن يستمر الانزلاق عسكرياً إلى ما هو أبعد من عدوان باتجاه أحادي الجانب، بما في ذلك أن تتسع المواجهة وتنفلت خيوط الارتباط التي تعاني من ترهّل واضح بالأصل.‏

المتفق عليه بين الأطراف المشتركة في إدارة ملف العدوان أن الوقت بدأ ينفد، والمأزق يزداد حرجاً، والموقف أصعب بكثير من حسابات الحقل، فيما كرة الفشل تتدحرج على بيدر النتائج، وهي تُميط اللثام عن حالة غير مسبوقة في انكشاف الأوراق وتبديل قسري لكثير من تموضع الأعراب داخل المنطقة.. وبالضرورة في مفهوم العلاقة معها خارج المنطقة.‏

الأخطر في حسابات الأعراب أن تخرج إسرائيل مُنهزمة، أو في الحدّ الأدنى عاجزة عن تنفيذ ما حددته في بنك أهدافها، الذي يتداعى ويتدحرج على وقع ما تواجهه من فشل تطلّب هبوطاً متتالياً ومتلاحقاً ومستمراً في سقوف تلك الأهداف، وانهياراً في الخطوط الحمر والمحرّمات السياسية أميركياً وإسرائيلياً، والذي اقتضى من الأعراب أن تُخرج بعض قنوات الاتصال مع الإسرائيلي إلى العلن، وأن تجاهر بوقوفها إلى جانبه، وأن المقاومة يجب أن تلقّن درساً وأن يتم تأديبها بعد أن خرجت عن الطوق، وكسرت عصا الطاعة التي كانت الأعراب تعتقد أن بمقدورها مواصلة الإمساك بها.‏

فالمصري الذي توقف الزمن لديه عند أول يوم عدوان وطرح ما أتاه بالبريد العاجل، يواجه معضلة النفاذ من مأزق المعبر، فيما السعودي المضطّر بحكم مقارباته الجديدة للعلاقة مع الإسرائيلي أن ينتزع شهادة حسن أداء من الأميركي تكفيه لإثبات كفاءته في مهامه الوظيفية وما تتطلّبه من أدوار إضافية.‏

على المقلب الآخر يتحسّر التركي على ما فاته، ويستقوي بتفويض يدعيه، فيما القَطَري يقف في الانتظار من خلف الكواليس في رهان على نجاح التركي في فتح الأبواب الموصدة بوجهه، معوّلاً في ذلك على البوابة الإسرائيلية التي تشعر بالارتباك في إدارة تلك الأدوار الوظيفية، خصوصاً أنها لم تعتد على نماذج الخلاف المستفحلة بينها ولا على الدخول في سراديبها التي عجزت أميركا عن العبور من خلالها.‏

وفي حين يسجل دخول أعراب جدد على خط الوساطة نوعاً إضافياً وغير معهود من الخدمات المجانية، تقف الجامعة المصادرة وقد كبّلتها لغة الخلاف المشتعلة بين أدوات الأمس ووكلاء اليوم، ولا تجد منفذاً يُعيدها إلى الأضواء إلا بالدعاء المتأخر وفي الوقت البدل من الضائع.‏

الفارق بين تهافت الأعراب على الدخول في بازار تقديم الخدمات المجانية لـ«إسرائيل»، وبين الحماسة الأميركية المفرطة لإنجاز تهدئة تحفظ ماء وجهها الذي أهدرته رعونة دبلوماسيتها يزداد اتساعاً، بعد أن أفضى الصمود الأسطوري للمقاومة وأهل غزة إلى فرض معطيات لم تعتد الإدارة الأميركية على تداولها في محاضر جلساتها السرية والعلنية مع أدواتها في المنطقة، وإلى تسويق مصطلحات ومفردات يصعب هضمها وأحياناً يستحيل إدراجها في إدارة العدوان بحكم ما تخلقه من فجوات فارقة داخل بنك الأهداف الأميركي من العدوان الذي يواجه خواء، وقد أفرغت المقاومة ما تبقّى منه بعد أن استهلكه العجز الإسرائيلي وانكشاف عورات قوته الطائشة والمتورّمة وانهيار أسطورة وجوده.‏

المحسوم في المعادلة الإضافية التي تتشكّل اليوم أن ما يرعب الأعراب هو ذاته الذي تخشاه إسرائيل وتتحضّر في نهاية المطاف للتسليم به، وهو نفسه ما بدأت الإدارة الأميركية تقر بمرارة التعامل معه وتجزم بقساوة حصيلته، وعليها أن تتهيّأ لتدير ما سينتج عنه من خيبات ترتسم في أفق المواجهة المفتوحة، وأن تعيد ترتيب الأوراق لجولة قادمة إقراراً بهزيمة إسرائيل وفشل أدواتها في جولة العدوان الحالية، حيث لن ينفع الأعراب وقوفها تحت الطلب.. ولا انتظارها الطويل على سكّة الحاجة الأميركية والإسرائيلية!!‏

a.ka667@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 6990
القراءات: 911
القراءات: 1065
القراءات: 856
القراءات: 857
القراءات: 848
القراءات: 967
القراءات: 814
القراءات: 743
القراءات: 842
القراءات: 890
القراءات: 776
القراءات: 718
القراءات: 775
القراءات: 969
القراءات: 852
القراءات: 662
القراءات: 857
القراءات: 880
القراءات: 939
القراءات: 882
القراءات: 765
القراءات: 941
القراءات: 850
القراءات: 983

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية