حقيقة تضاهي في وجودها وحضورها حقيقة الاحتلال ذاته, ودائما كان الخطر أن يكون الشكل الأخر للاحتلال وجودا سياسيا أو عسكريا يضاهيه سطوة, بل في بعض تفاصيله ربما كان أكثر سوءا.
تجارب التاريخ قديمه وحديثه تقول دائما إن الاحتلال حين يصل إلى الطريق المسدود يسعى بكل ما يملك ليجد البديل الذي يحقق ما عجز عنه بالاحتلال المباشر, وهي معادلة صالحة للاستخدام مع أي احتلال, ولا يشذ الاحتلال الأميركي عن هذه القاعدة , بل يؤكدها
ومثلما هو الاحتلال خطر على الجوار, ولا حسن جوار معه, فإنه من الطبيعي ألا يكون هناك حسن جوار مع الخطر الذي يرمز إليه, أو مع أي شكل يتيح للمحتل أن يمارس من خلاله عربدته وقرصنته.
المشكلة الأبدية لأي احتلال أنه يصل في وهمه إلى ما وصلت إليه الإدارة الأميركية, وهي تداري فشلها المزروع في كل مكان, وأن تحاول تحقيق المكاسب, بدل أن تحاسب على ما ارتكبته, وأن تعوض بالسياسة ما فشلت في تحقيقه بالقوة والاحتلال.
الأدهى أن يكون تهديد المحتل بأنه إذا لم توقع المعاهدة كما يريدها, فإنه سيسرع في الانسحاب, ومن قال أن انسحابه أسوأ من بقائه, أليست معادلة مقلوبة في الحسابات والسياسة والمنطق?!
لم يكن للاحتلال يوما منطق, مثلما لم يكن معه حسن جوار أو مع ما يرمز إليه, سواء كان معاهدة موقعة أو وجودا غير موقع, وسواء كان حضورا مباشرا أو غير مباشر..