وفي المقدمة تلك التي أثارتها الصفقة التي عقدها شارون مع الرئيس بوش قبل أشهر مضت حول الوضع في المنطقة, والتي جرى تشبيهها في حينها بوعد بلفور, وإن كان بصيغة معدلة تجاوزت حدود فلسطين التاريخية لترسم واقعاً أشد خطورة يطول المنطقة كلها.
واليوم تعود صفقة بوش شارون بتداعياتها وانعكاساتها لتطفو على السطح مجددا, بعد أن بدت خطوات تنفيذها في الاتجاه الفلسطيني أسرع من المتوقع, حسب شارون ذاته, الذي لم يجد غضاضة في الإفصاح عن محدودية الضغط الأميركي عليه في كل ما ينفذه, بل لم يتردد في القول إن ذلك الضغط يكاد يكون معدوما.
والدليل وفق اعترافات شارون أيضاً أن كل ما أقدم عليه في الفترة الأخيرة, لم يستدع أي موقف أميركي مغاير, وبالتالي فإن الرسالة التي فهمها تعني من حيث المبدأ, أن الصفقة ما زالت صالحة, ولم يتم حتى الآن ما يشير إلى أن بوش قد لحظ أي خروج إسرائيلي عليها.
والسؤال: إلى أين يريد الأميركيون أن يقودوا المنطقة وسط هذا الغرق في الأخطاء السياسية المفجعة على أكثر من صعيد, في ظل تسريبات من الصحافة الإسرائيلية تتحدث عن النقاش الأميركي الإسرائيلي حول وضع هذه الدولة العربية أو تلك?!
للإجابة على السؤال لابد من لحظ جملة من المتغيرات في نسق التعاطي الأميركي مع التطورات الأخيرة في الأراضي العربية المحتلة, ولاسيما تلك المتعلقة بالموقف من الفصائل الفلسطينية ورفض مشاركة بعضها في الانتخابات, وحديث رايس المفخخ عن صعوبة الجمع بين المقاومة والعمل السياسي ودلالاته ومعانيه في هذه المرحلة.
وفي إطار آخر مواز لابد من متابعة سلسلة المواقف الأميركية حيال العديد من القضايا ولاسيما تلك المتعلقة بالاتهامات الموجهة لسورية التي تتلون تبعاً لحال الرؤية الإسرائيلية حينا, ووفقاً لواقع المأزق الأميركي حيناً آخر, مع التأكيد على ثبات الوتيرة سواء كانت ناتجة عن الأولى أم كانت حصيلة للثانية.
والمسألة لا تختلف حيال تطورات عمل لجنة التحقيق الدولية وخصوصاً بعد أن بدت الأعين مفتوحة على الكثير من الأبواب المغلقة المتعلقة بجريمة الاغتيال, وبالتحديد باب الأصابع الإسرائيلية في تلك الجريمة وأهم تلك الأصابع تتعلق بجماعة مارست أعمالاً إرهابية في لبنان, وأطلقت ما يسمى حكومة لبنان في إسرائيل مقرها في شارع الملك جورج في القدس المحتلة والتي نشرت في صفحتها المفتوحة على الانترنت منذ سنوات وما زالت حتى اللحظة قائمة بعشر شخصيات لبنانية معدة للاغتيال.
اللافت أن الحريري كان الشخصية الثانية المطلوبة بعد الرئيس إميل لحود, إضافة إلى أهم الشخصيات الوطنية اللبنانية, وقد طبعت صورهم على أوراق اللعب قبل أن تفعل الإدارة الأميركية ذلك مع المسؤولين العراقيين السابقين.
والأهم من ذلك, أن هناك اسماً غاب عن الصفحة بعد أن تم شطبه من الحياة, وكان إيلي حبيقة, بعد أن أبدى استعداده للمثول أمام المحكمة للشهادة ضد شارون, ولن نستغرب إذا استعرضنا هذه الصفحة أن نجد أن اسماً آخر قد شطب, فهل يكفي ذلك للتفكير بفتح تلك الأبواب الموصدة والمتعلقة بجريمة اغتيال الحريري?!