هذا إذا تجاهلنا الأصوات التي بدأت ترتفع فيها إقراراً بهذا الإخفاق وتحذيراً من أن العدوان منح المقاومة الوطنية الفلسطينية قوة وحضوراً شعبياً وسياسياً واسعاً بدل إضعافها،فهل هناك منطق في الكون يجيز تمكين اسرائيل من أن تحقق بالسياسة ما عجزت عن تحقيقه بالعدوان وآلة الفتك والارهاب ؟!
المؤسف تَوَفُّرُ معطيات تشير إلى أن البعض يسعى للعمل وفق هذا المنطق الغريب، فما أن أطلقت اسرائيل الحديث عن مسألة إعادة إعمارالقطاع حتى تقاطرت المواقف المؤيدة..المتشابهة.. وأحياناً المتطابقة مع الموقف الذي عبر عنه أيهود أولمرت بالقول :« يجب ألا يسمح لحركة حماس بقيادة عملية إعادة الإعمار، لأن ذلك سيمنحها شرعية، وإننا لن نتعاون في هذه العملية إلا مع الأمم المتحدة ومصر والسلطة الفلسطينية ».
لم يمر على تصريح أولمرت هذا سوى ساعات قليلة حتى جاء الجواب من واشنطن :« إن أميركا تأمل في أن تقود إعادة الإعمار إلى إنهاء حكم حماس في القطاع وإعادة السلطة الفلسطينية إليه».
الرسالة واضحة ،والهدف أشد وضوحاً ، فما عجز العدوان عن تحقيقه يرادإنجازه بالسياسة، بل يراد تحقيق أهداف أخرى يأتي في مقدمتها تكريس الانقسام الفلسطيني إسقاطاً لمسعى المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وإجهاضاً لكل محاولة عربية أو إقليمية في هذا الاتجاه.
هذه مفردات الرسالة الاسرائيلية- الأميركية، واضحة لاتحتاج لشرح ولاتحتمل التأويل بغير ما أفصحت عنه، فما مفردات الرد الفلسطيني والعربي بعد كل ما حصل، ألا يبدو أكثر من مستهجن أن يصطف البعض خلف الموقف الاسرائيلي - الأميركي ويوجه لهما الرسالة الخاطئة مجدداً ؟!
هم يريدون توظيف السياسة في إعادة الإعمار ويرغبون باستثمار الإعمار في السياسة، فلماذا لايقال لهم نحن ماضون الى المصالحة والوفاق، ومصممون على ترميم ما تمزق وإعمار ما تهدم يداً واحدة، ولماذا لايقال لهم إن معبر رفح سيفتح بشكل كامل أمام المساعدات والاسمنت والحديد وكل مستلزمات الإعمار ولاحاجة لتعاونكم ؟!
لقد أفصحوا عمايريدون .. وبوقاحة، فماذا ينتظر البعض ليقول ويفصح بجرأة عما يريد سواء التقى أو اختلف معهم ؟!