هذه الحقيقة يعكسها التناقض في تصريحات المسؤولين الأميركيين تجاه الوضع في سورية من جهة، والموقف من روسيا الاتحادية التي بدأت بجدية وفعالية في مكافحة الإرهاب في سورية بطلب من القيادة السورية من جهة أخرى.
الحالة الأميركية انتقلت تلقائياً إلى حلفائها الأوروبيين، وأدواتها، وأُجرائها في المنطقة، الأمر الذي انعكس أيضاً على التنظيمات الإرهابية التي تدعمها هذه القوى على الأرض السورية والتي تعيش فوضى عارمة وحالات هروب غير مسبوقة.
التحليل المنطقي لحالة التخبط الأميركية يكشف أن مرد هذا الوضع هو فشل وعجز واشنطن ومن معها في تحقيق أي من الأهداف الأساسية لحربها الإرهابية على سورية، وفي مقدمتها إحداث تغيير استراتيجي في سياسة سورية ينقلها إلى الضفة الغربية.
كما كشفت أيضاً هذه الحرب القذرة تراجع قوة أميركا وضعف هيمنتها، وفي المقابل ظهور قوى قطبية جديدة وضعت أميركا أمام تحديات كبرى في المستقبل القريب، والفضل الأول والأخير يعود لصمود سورية وشعبها وجيشها وقائدها.
الهيستيريا الأميركية البادية للجميع مشابهة إلى حدّ ما للهيستيريا التي شهدتها الولايات المتحدة إبان حرب فيتنام مع فارق الزمن والشدة واختلاف الأدوات والخوف الأميركي المتصاعد على وضع الولايات المتحدة العالمي.
لقد وضع صمود الجيش العربي السوري والقيادة السورية، القيادة السياسية المتعددة الأذرع في واشنطن أمام اختبار لم تعشه الولايات المتحدة من قبل، انعكس بوضوح في اجترار الرئيس الأميركي باراك أوباما الصيغ والعبارات نفسها التي نطق بها حول الحرب الإرهابية على سورية في عام 2011، الأمر الذي يؤكد عدم تحقيق إدارته أي شيء من حملتها الإرهابية على سورية، وكذلك في حالة اللا توازن التي بدا عليها وزير الخارجية الأميركي في أروقة الأمم المتحدة خلال اجتماع لوزيري خارجية سورية وروسيا.
إن حالة التلف في أعصاب إدارة أوباما التي أوصلها الصمود السوري إلى وضع متقدم جداً، يكملها اليوم القرار الروسي بمكافحة الإرهاب وفقاً للقوانين الدولية، والنتائج التي تحققها هذه الحملة على الأرض، والتي كشفت نتائجها في أسبوعين فقط كذب ونفاق إدارة أوباما، ومراميها السياسية القاضية باحتواء تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق، والمساهمة في تمدده في سورية، وهذا ما كشفه أيضاً مقاتلون من البشمركة، الذين صرّحوا لإحدى القنوات التلفزيونية أن التحالف الذي تقوده أميركا بزعم مكافحة «داعش» منعهم من السيطرة على الطريق الواصل بين الموصل وسنجار في العراق والرقة السورية الذي يسلكه إرهابيو تنظيم «داعش» الإرهابي وناقلاته يومياً.
بالتأكيد لن تستسلم الولايات المتحدة ومن معها للوقائع الجديدة في سورية، وحملتهم الإعلامية الشرسة ضد روسيا وعملياتها في سورية مؤشر كبير على ذلك، ولكن وفقاً لتقارير غربية لن تستطيع واشنطن إحداث تغيير جذري في مسار الأحداث، وخاصة أن الأقوياء على الأرض هم الذين يرسمون النهايات والجيش العربي السوري بات في مسار الرسم، ولم ولن توقفه حواجز من هنا أو تهديدات من هناك.