تتواصل المذبحة الإسرائيلية، مفسحة المجال أمام سيل آخر من الجرائم، أتاحته همة المتنطحين من العرب لطرح مبادراتهم في الوقت الضائع.
وفي الحالين يقف الفريق العربي في نيويورك في مقصورة الانتظار على أمل معجزة تنقذهم من حرج العودة ومواجهة الأمر الواقع بالانضمام إلى خيار عقد قمة عربية طارئة باتت أمرا لا مفر منه، ولو كره ذلك الكارهون لحماس، وللمقاومة، ولعروبتهم، ولقضيتهم.
الرد الإسرائيلي على المبادرة لم يتأخر ، بقرار الحكومة المصغرة توسيع العدوان، فيما مجلس الأمن الذي أصابته عدوى التثاؤب من الموقف العربي تتعطل جلساته، فيؤخر الحرج الأميركي باستخدام الفيتو.
ما أجاده المبادرون العرب المعتدلون أنهم أتاحوا، بل برعوا في إتاحة فسحة أخرى للموت ولآلة القتل الإسرائيلي كي تستمر في ممارسة احترافها الدموي بحياة أبناء غزة، وما أنجزوه أنهم أخروا الحرج الأميركي في استخدام الفيتو.
وما أجاده المبادرون العرب أنهم أخروا القمة العربية الطارئة، وما برعوا فيه أيضا أنهم أضاعوا فرصة موقف عربي يرسم إرادة فاعلة تكون ورقة قوتهم حيث هم يقفون الآن عاجزين، على أمل أن تنقذهم معجزة القبول الأميركي بتوسلهم، أو أن تحفظ ماء وجوههم حكومة أولمرت فتقبل بما يغدق عليها من مبادرات.
كان بمقدور العرب أن يجنبوا أنفسهم مأزق التوسل، وأزمة الانتظار، وكان بمقدورهم أيضا أن يفعلوا الكثير مما لم يتجرؤوا على التفكير به، لكن الأكثر من ذلك لم يعد هناك متسع لمزيد من المأزق، وليس هناك من وقت لتضيع المزيد من الفرص.
وفي كل الحالات،وحدها غزة لا تنتظر، ووحده شعب غزة لا يضيع الوقت في الاستماع إلى ذلك التثاؤب، يمضي في مقاومته .. في إصراره على الحياة بإرادة الاستشهاد دفاعا عن الأرض والوجود، وهذا هو ما أجادوه .