في جهنم التي نعيشها اليوم، أعني نحن السوريين، لا سبيل لقراءة النيات السيئة أو حصرها. يا لقلة الأبرياء فيما نرى ونواجه على صعيد الأفراد و الدول والجماعات والمجتمعات ؟! حتى ليكاد المؤمن يقسم أن لابريء بينهم. وكي لا أظلم أحداً أقول: سورية وحدها البريئة، فمن سعى من أجل سورية كان الأقرب للبراءة.
على مدّ السنين التي عشتها وفي حدود ما عرفت وعلمت وتعلمت، لم أر الكذب والنفاق والغش يزدهر كما هو حاصل اليوم. مهرجان فريد تنكسر فيه الأحلام و تثبت زيفها الرايات، ومن آمن بحسن النيات، أو بالأحرى بوافر الأخلاق، لن ينتهي به الطريق إلى جهنم و حسب ! بل إلى الخيبة المتأخرة وهو يعيش جهنم تلك.
قبيل منتصف القرن الماضي عرفت الإنساتية انتصاراً أحيا فيها الأمل بالنيات الحسنة و الأخلاق البشرية. كان ذلك عندما أوقعت الهزيمة بالنازية و الفاشية، من خلال انتصار التحالف الشيوعي الرأسمالي العالمي على دول المحور الثلاثي. هزمت المانياالنازية و ايطاليا الفاشية و الأمبراطورية اليابانية، واستمرت النازية والفاشية بأخلاقهما عبر النفاق والغش؟! النفاق الرأسمالي و الغش الذي شهدته عملية بناء الشيوعية، و خلف ذلك كان سوء النيات يفرش طريق جهنم للبشرية متجلياً عبر النفاق والرياء، بالحسن ؟ فقالو هو حسن النيات أوصلنا إلى جهنم. و إذ سطت أو كادت ورقة الرياء وانكشفت النيات عانت البشرية و تعاني من حالة الصدمة و اهتزاز المعايير.
غالباً راهن الضمير الانساني، على الأخلاق الشيوعية والديمقراطية الرأسمالية.بل كنا نروي عن هذه وتلك الروايات عن إبداع السلوك و روعة الحياة. رغم أنهما النقيضان المفترضان ؟! وانكشفت الحقائق كلياً أمامنا، أو جزئياً فلا أحد يعلم ما الذي تخبئه لنا النيات السيئة. والذين انكفؤوا باتجاه الأخلاق الدينية، ولاسيما الاسلام، جاءهم الرعب من ممارسات لايقبلها عقل أو دين أو اسلام، وازدهر الكذب والنفاق. إنه سيىء النيات و ليس حسنها الذي أوصلنا إلى هنا بما جعلنا بضاعة في سوق النفاق الدولي.
اليوم استفاقوا على مدينة القصير، جارة العاصي، وكأن ليس للعاصي جيران غير القصير تحداهم النفاق الدولي والمجتمعي والفردي والجمعي، فحولهم إلى غياب مدمى حيث حلّ السلاح في بيوتهم التي هجروها، على مرأى ومسمع من المجتمعات كلها، وسكت الكل بموجب نياته السيئة. وبموجب هذه النيات نفسها يسألون اليوم عن القصير ؟!
بكل الشكر والمحبة أقف خاشعاً أمام كل من يسأل عن القصير وغيرها من حاضرات وطني المدمى، لكن من أجل العدالة والنيات الحسنة لنقرأ القصة كاملة.
as.abboud@gmail.com