تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ذوات الدم الأحمر!

معاً على الطريق
الثلاثاء 4-6-2013
خالد الأشهب

ثمة من يتحدث عن فتاة "ذات رداء أحمر"، يتقولون أنها أشعلت الاحتجاجات ضد حكومة أردوغان في تركيا، وأنها وقفت دون حراك وسط ميدان " تقسيم " في اسطنبول،

وصبرت على الفلفل الحار الذي رشته الشرطة عليها وعلى المتظاهرين المهرولين أمامها ومن حولها.. فيما التقطت العدسات صورها، وبدأت الوكالات والصحف تداولها باعتبارها مفجرة الاحتجاجات التركية على حد وصف صحيفة الزمان مثلاً!!‏

وقبلها، في تونس تحديداً، كان هناك محمد البوعزيزي، الذي قيل أيضاً أنه مفجر الثورة التونسية.. حين أشعل النار بجسده ليصير بدوره " ذو اللهب الأحمر"، مع أن بائع الخضار السعودي محمد الحريصي أحرق نفسه منذ أيام فقراً وقهراً وغيظاً حتى الموت في الرياض.. إلا أن أحداً لم يأبه به وبلهيبه. كذلك كان مقدراً.. وبفعل فاعل قادر وخبيث، أن تفبرك أسطورة مثيلة في مصر اسمها مجدي غنيم.. لو أنه أجاد تمثيل الدور؟‏

وفي اليمن تم اختراع فتاة باسم توكل كرمان لتكون الصاعق المفجر في "الثورة" اليمنية، فما لبثت أن حصلت على جائزة نوبل كما لو أنها كارل ماركس أو لينين أو تشي غيفارا... وبنفس الطريقة التي حصل عليها باراك أوباما، أي دون مقابل حقيقي سوى أنه " مشروع أسطورة " لصناعة السلام.. ثم ليستقبلها في دوحة الثورات والثوار " المفكر العربي الكبير " المملوء من أخمصيه إلى صدغيه فكراً سياسياً تنويرياً وفلسفات ثورية طليعية كما لم يستقبل نابليون بونابرت تحت قوس النصر في باريس!‏

على هذا النحو من " الأكشن " السينمائي السياسي الأميركي المصنع خصيصاً لعقول منتهية الصلاحية وغير صالحة للاستعمال السياسي، تجري عملية استبدال وإحلال لمفاهيم بدل أخرى ولرموز بدل رموز، بل وتوطين للطارىء على حساب المقيم، ولضربة الحظ على حساب الجهد والعمل، كل ذلك في ضربة أميركية قاضية تطيح بالحقيقي المستوطن في الأذهان سواء كان فكرة أو رمزاً إلى حين نسيانه وتقادم السنين عليه.. وتأتي بالمزيف اللامع من خارجه الخاوي من لبه إلى حين اكتشاف خوائه ثم لفظه والتنكر له، أي الخروج في نهاية المطاف بخفي حنين من هذا وذاك؟‏

على هذا النحو والمنوال أيضاً، وإذا ما تواصلت الاحتجاجات في تركيا وتصاعدت نحو الثورة.. فلن تكون سياسات حكومة أردوغان العمياء الطائشة والعدوانية المتطرفة مذهبياً وعرقياً هي الفتيل المفجر المشعل لثورة الأتراك، بل.. أكشن الصمود لدى الفتاة ذات الرداء الأحمر!!.. أمام الفلفل الحار للشرطة.. تماماً كما اشتعال جسد البوعزيزي ونيل كرمان وأوباما لجائزة نوبل.‏

هنا، حيث لا حلفاء ولا أصدقاء حقيقيين لأميركا إلا إسرائيل، يجري إسقاط الأسباب الحقيقية وتقديم الرموز المزيفة في ألعاب وبهلوانيات.. من ذوات الدم الأحمر!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2200
القراءات: 2101
القراءات: 2523
القراءات: 2479
القراءات: 2255
القراءات: 2622
القراءات: 2567
القراءات: 2504
القراءات: 2273
القراءات: 2596
القراءات: 2808
القراءات: 2700
القراءات: 2402
القراءات: 2861
القراءات: 2929
القراءات: 3011
القراءات: 2793
القراءات: 3170
القراءات: 3120
القراءات: 3226
القراءات: 2623
القراءات: 3093
القراءات: 3578
القراءات: 3341
القراءات: 3398

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية