والقبول بضمانات معقولة تنأى عن ذلك التعجيز الكفيل بإذلال طالبي القروض, وبشكل فعلي.
والواقع.. فعلى الرغم من ذلك الاتجاه الجديد نحو المرونة والتبسيط فإن المصارف لا تزال غير قادرة على إزاحة الغبن عن المتعاملين, ويبدو- أحيانا, وفي كثير من هذه الأحيان- أن نهج النظام المصرفي في تعاملاته مع الزبائن لا يزال كما هو في غاية التخلف والتعقيد, والدلائل التي أشارت إلى تلك المرونة ليست ناجمة عن تبسيط في الإجراءات و القبول بضمانات ليست شبه تعجيزية, وإنما يمكننا أن نكتشف وببساطة أن تلك الحركة التغييرية التي نشعر فيها مصرفيا, هي ناجمة عن إيجاد أنواع مختلفة من القروض, ورفع سقف بعض القروض الأخرى, وما إلى ذلك..
وما يقودني إلى مثل هذا الكلام.. هو قرض التسليف الشعبي الإنتاجي حيث راجعنا مؤخرا أحد الإخوة المواطنين يشكو من قيام المصرف بتعقيد مسألة الإفراج عن قرض قد طلبه, رغم تقديمه للضمانات المطلوبة وأكثر ,ورغم قيامه بنشاط تجاري قائم على استيراد بعض الآليات الصناعية كمكنات الخياطة وغيرها.
يقول طالب القرض: لقد رفضوا إعطائي قرضا لأنني أستورد المواد وأبيعها فورا, ولا يوجد عندي مستودع لتخزين المواد المستوردة, والواقع أنا لم أجد ضرورة لوجود مستودع أخزن فيه المستوردات التي سرعان ما يجري تصريفها.. وقد تفاجأت أن عدم وجود مثل هذا المستودع حال دون منحي القرض..! فلو أنني أستورد, وأكدس مستورداتي دون تسويق , لكان لي الحق بالقرض..?!
سألت مدير فرع مصرف التسليف الرافض منح القرض فكان جوابه: إنه لايملك مستودعا.. فما الذي يدرينا أنه يستورد مواد..?.. قلت له: هناك وثائق بتلك المستوردات.. فأكد مدير الفرع أن هذا لا يكفي وهذا مخالف للتعليمات.. فقلنا له: لا نريدكم أن تخالفوا التعليمات, واعتقدنا أن المسألة اجتهاد من مدير الفرع, فلجأنا للسيد المدير العام لمصرف التسليف الشعبي, وللأمانة رحب بنا ترحيبا طيبا, ولكن سأل طالب القرض: هل لديك مستودع..? فقال له: لا.. لاداعي له لأنني أبيع البضاعة فورا.
ابتسم السيد صالح كنج وقال: هل تستورد البضاعة باسمك أم باسم غيرك..?.. فقال: باسم غيري.. فقال: هذا لايجوز.. ولاينسجم مع تعليمات القرض المعتمدة.
قلت له أيضا: لا نريد مخالفة التعليمات إطلاقا, لكن مادام الرجل يقدم لكم الضمانات الآمنة فما الذي يمنع? قال: إنها التعليمات.
والواقع.. لست على دراية جازمة أن التعليمات هي هكذا تماماً.. أم أن المسألة متعلقة بما أوضحه السيد رئيس مجلس الوزراء مؤخرا أن ( الجهاز الإداري تر بى خلال الفترة الماضية على عقلية معينة وهو نفسه مازال يعمل الآن.. ولابد من تطوير أدائه).
فهل ننتظر هنا تطوير الأداء..?.. أم أن هناك أشياء أخرى وآمالا مغلفة, تحتاج لمن يعثر على مفاتيحها..? أم أنها التعليمات فعلا..?!