هكذا عاد كل واحد إلى مزبلته يصيح أنه ابن أحقاد الطائفة وسيفها المشرع بوجه (الشركاء) المحتملين في الوطن الصغير.
هكذا اندفعت محطة عبر قناتها الأرضية تطلق فحيحها المتعنصر, فقأت دملّ التقية الذي أكرهت عليه منذ أن دُفع لها كي تكون صوت لون واحد باهت, ناسية أن بلداً برمته يسمع ويقشع وأن بين الجيران أنطاكيون مسيحيون حقيقيون ينداحون في كل هذا المشرق ومؤتمنون على إرث بطرس وبولس لا على إرث يهوذا الإسخريوطي.
هكذا يريدون أن يضحكوا على آذاننا وأعيننا, فحيح طائفي على القناة الأرضية وفي نشرة أخبار ترصد كلام أي خزمتشي متمذهب صغير, وكلام منمق وتمسيح جوخ للعرب العاربة والمستعربة والمستغربة على الفضاء, لأنهم يدفعون ثمن الإعلانات بسخاء الأجساد المترامية على الشاشة .
هكذا هو الزمن المتحول قبل وبعد الإنسحاب السوري وربما ما بينهما, حيث طافت الطوائف على بعضها وبعضها على سورية والخير.. لقدام.
هكذا تقتضي التقية السياسية أن يعود كل مرّائي إلى زريبته وهات.. فحيحاً يا ذات الأجراس.
لبنان الغد هو لبنان القديم نفسه, لا شيء تغير,سبحان الحي القيوم, فالجعير المنكر ورّث أبناءه وأحفاده في حاويات الطوائف, لا بل بعضهم ناشت حنجرته بحة رقيقة تشبه غناء الزواحف وما يزال ينفث في الجو محبته للبنان الخاص به. في أكبر كذبة انطلت على بعض الأوادم في هذا البلد وهي (العيش المشترك), فكلمة عيش بحد ذاتها تدل على مستوى متدّنٍ من الحياة, وعند أول زاروب يفرنقع العشاق المتكاذبون ويفختون طبلة عرس العيش ليغني كل على ليل حنجرته المذهبية وقانون انتخاباته, فحتى يصبح العيش مشتركاً يجب على كل عائلة أن تنتخب من يمثلها إلى برلمان الأمة وإلا ذهبت (الصيغة الفريدة) ها ها ها.. إلى حيث ألقت.
هكذا يبيعون العلم اللبناني الجميل الذي تجمعوا تحته ذات مصلحة ويرفعون أعلام فئوياتهم عند أول محطة, ينزعونه عن السيارات ويبدلونه بأعلام المليشيات التي عضّت بعضها حتى الكلَب في استحضار (للحب) والكلام البشع الذي اعتقدنا في لحظة غباء ووهم أن من كانوا وقودها أو وقّادها قد اتعظوا.
هكذا يكذبون ويتكاذبون في أكبر (مكذبة) من عيار مفضوح في فضاء سياسي نتن, إبرة وخزت دمّلاً فانبرى القيح على الشاشات.
ما هكذا تبنى الأوطان يا (أولاد الأفاعي), وما هذا هو الغد المأمول للوطن الصغير الذي أنجب جبران واليازجي والبساتنة والمعالفة والشدياق والحتي وإسحق وحاوي ومطران ونعيمة وأبو شبكة و...
ما هكذا يكون العقد الإجتماعي إذا كنا حقاً ورثة حضارة الحرف والعمارة.
ما هكذا تكون المدنية, أي أن نلبس الجينز والتي شيرت وأدمغتنا محشوة في الشروال واللبادة.
معه حق جبران لكم لبنانكم وله...لبنانه.