فالمتابعون للثقافة العالمية المعاصرة عامة والمسرحية خاصة يدركون أهمية عرض عمل مسرحي على خشبة المسرح السوري يحمل توقيع المخرج بيتر بروك لأنه شكل بصمة تاريخية سيذكرها المسرحيون و النقاد عند الحديث عن العروض المسرحية التي استضافتها دمشق .
تنم مسرحية ( المفتش الكبير ) عن نهج بيتر بروك ورؤيته للمسرح , فكلمه( مفتش ) تعني البحث والتفتيش .
وهكذا هو بروك ... لقد ترك عاصمة الضباب منذ سبعينيات القرن الماضي وانتقل إلى عاصمة النور ليؤسس المركز العالمي للأبحاث المسرحية .
وعن أي مسرح يبحث بروك ? الجواب نجده أيضا ً في مسرحية ( المفتش الكبير ) التي تعالج قضايا الإنسان المعاصر بروح تهكمية جادة وتحرض البشر على النظر في أفعالهم المخالفة لأقوالهم ومعتقداتهم المعلنة .
بروك في ( المفتش الكبير ) لا يهمه الديكور والإضاءة و المجاميع و الأزياء البراقة , بل همه المسرحي أن يوصل فكرة , وأن يرتقي الإنسان في فكره وسلوكه وينتقل من الازدواجية والتناقض إلى الشفافية والحب والقيم الإنسانية النبيلة .
بيتر بروك كان معنا في احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية بروحه وفكره .. أحببناه فدعوناه .. وكنا نتمنى أن يكون معنا بشخصه كما كان بتوقيعه وروحه, ولو كان حاضرا فسيكون للمفتش الكبير نكهة إضافية, وعندنا مثل شعبي يؤكد أهمية الحضور في زيادة استيعاب الفكرة والكلمة ( العين مغرفة الكلام ) .