كان اليوم طويلا حافلا بمعطيات قد يبدو بعضها متناقضا للوهلة الأولى, ففي حين يندفع الإعلام هناك لرصد صورة المرأة الضحية ودعم قضاياها ومطالباتها تجده بالمقابل يتجاهل صورة المسلم المعتدل والمسالم ويفرد بسخاء أي مساحة أمام حكايات المتطرفين والمتعصبين.
ما يبدو للوهلة الأولى تناقضا لن يلبث أن يتكشف عن ثنائية متلازمة لعملة واحدة, فالترويج لصورة المرأة الضحية يكرس الصورة السلبية عن الإسلام, ما يفسر شغف الإعلام بحكاية سيدة مسلمة طلبت الطلاق لأن زوجها اعتدى عليها بالضرب, (وخذ يا حكايات) عن وحشية الأزواج المسلمين وتخلفهم, أما الأعجب من استثمار هذه الحكاية لضرب جالية ودين, فتمثل في موقف القضاء نفسه عندما رفضت القاضية طلب التفريق بذريعة أن الشريعة الإسلامية التي عقدت على أساسها الزوجة تتيح للزوج تأديب زوجته بالضرب, وكل ذلك ضمن صخب إعلامي لم يلبث أن انطفأ, عندما استأنفت الزوجة دعواها, داحضة الإدعاء بأن الدين الإسلامي يبيح ضرب الزوجة.
انحسرت الأضواء عن الدعوى لسببين مترابطين على ما يبدو, أولهما اضمحلال جرعة الإثارة مع دعوى يغلب عليها العقل والمنطق, وثانيهما أن المشكلة في هذه الحالة تنحصر في شخص مسلم ولا يعود الإسلام متهما لذاته وبذاته وبالتالي تتجدد الصعوبة التي يواجهها الإسلام المعتدل والمسلمين المعتدلين في الوصول للإعلام.
ما تقدم يمسنا جميعا في الغرب, حيث لا يفرق أحد هناك بين طوائفنا أو حتى أدياننا, إذ يكفي لإعلام محكوم بمفاهيم السوق, أن يحمل المتهم جنسية عربية أو ملامح متوسطية حتى ينقلب إلى مدان كما حال قتال نشب بين تلميذ لبناني وزميله الألماني, فقد شكل الحدث ذريعة لعزف اللحن النشاز ضد الجالية المسلمة مع أن اللبناني مسيحي كما اكتشف لاحقا.
واقع يمسنا جميعا, مسلمين ومسيحيين, مؤمنين وملحدين أو علمانيين, أن يتم تظهيرنا كضحايا, ليس إلا مقدمة تمهد المذبح (لنيغاتيف) القاتل.
Dianajabbour@yahoo.com