وعبر كلماتهم الواضحة المفضوحة بوقاحتهم تارةً، والملغوزة التي ( يتشاطرون ) بها تارة أخرى، وكذلك عبر آمالهم العريضة بأن تتابع الليرة انخفاضها حتى تنهار بالكامل، ولم يخجلوا في بثِّ هذه الأماني والآمال، بل راحوا يراهنون بأن انهيار الليرة صار أمراً محتوماً إيذاناً بانهيار الاقتصاد السوري بالكامل..!
وفعلاً لم تكتمل فرحتهم ولم تبتهج أساريرهم بتحقيق الأحلام والأماني على الرغم من وصول سعر الدولار إلى نطاق الثمانين ليرة وأكثر في السوق السوداء، ولا نخفي أننا قلقنا لهذا الوضع حيث بدا مصرف سورية المركزي وكأنه عاجز عن كبح جماح هذا الدولار اللعين المتصاعد، أو على الأقل غير مبال فيما يحصل، إذ افتقدت الساحة لأي قرار أو إجراء للمركزي يحاول أن يصدَّ ما يحصل.
اللذيذ في الموضوع أن المركزي كان يراقب عن كثب، ويتابع ما يحصل بكل دراية واهتمام إلى أن وجد الوقت المناسب للتدخل .. فتدخّل بالتزامن مع تحذيرات وتهديدات واضحة وصريحة لكل من يحاول العبث بالعملة الوطنية ضارباً مصلحة الوطن بعرض الحائط من خلال مضارباته النقدية، وسرعان ما بدأت رحلة الدولار المعاكسة وإن بشكل بطيء ومتدرّج، ليُثبت بذلك مصرف سورية المركزي أنه ليس يقظاً وحسب وإنما يمسك بخيوط اللعبة كلها، وهو يديرها بكفاءةٍ عالية وقتما يشاء وبالوقت المناسب.
ومعهم حق بعض المتابعين والمصرفيين عندما وجدوا بأن المركزي كان قادراً وبقوة من خلال سلسلة الإجراءات التي فرضها على الأرض، على خلق المناخ الذكي والمناسب الذي جعله متربّعاً على عرش القطع في سورية، حتى صار العديد من ذوي التاريخ العريق في التحكم بسوق القطع تحت رقابته وبمتناول أنظاره فغدا بحق ( كشيخ الكار ) الذي لا ينكر براعة الآخرين .. ولكنه هو الأقوى الذي بات الجميع يدينون له بالطاعة ولم يعودوا قادرين على النفاذ خارج أسواره المحكمة .