تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الصلب يتجدد..

معاً على الطريق
الاحد 25/12/2005م
د. اسكندر لوقا

مع تجدد المناسبات التي تتعلق ببعض الأحداث, كثيراً ما تتجدد في الذاكرة تفاصيلها.

إنها ظاهرة طبيعية فيما نعتقد ولا تتعارض مع المنطق, لأن الذاكرة البشرية, تماثل بشكل أو بآخر, رفوف المكتبات. الذاكرة البشرية, من هذه الناحية, لا تسقط حدثاً يستحق أن يستعاد, جملة أو تفصيلا, في مناسبة ما تعيده إليها.‏

وإذا كنا نحتفل هذه الأيام بذكرى ميلاد السيد المسيح, في أجواء من التوتر على مستوى المنطقة خاصة والعالم عامة, لابد أن يتبادر إلى أذهاننا أن ولادة السيد المسيح لم تكن حدثاً عادياً في تاريخ البشرية بعدما أشرقت على العالم أنوار معرفة أين الحق وأين الباطل?‏

ولأن ولادة السيد المسيح جسدت إشراق النور في عالم من الجهل والضياع, كانت خطورة الحدث الذي قاد صاحبه, وليس أتباعه فقط, إلى السير على دروب الشوك, ما أدى به في نهاية المطاف إلى أيدي الطغاة من حكام ذلك الزمن البعيد, فكان الصلب إرضاء لأصحاب النوازع الشريرة, هؤلاء الذين صرخوا: اصلبه, اصلبه, دمه علينا وعلى أولادنا من بعدنا.‏

إننا اليوم لسنا في معرض الحديث عن جريمة صلب السيد المسيح بل نحن في معرض الإشارة إلى أن ولادة السيد المسيح, كانت بمثابة بشرى للعالمين بأن خلاص الإنسان من شوائب الخطيئة تكمن في الولادة التي تكتسب هنا معنى أبعد من مجرد الولادة التقليدية التي يشهدها الملايين من البشر في مواقعهم كل يوم. الولادة هنا تكتسب معنى الاغتسال, وصولاً إلى راحة النفس واستعادة الصفاء في الذات الباحثة عن السعادة والطهارة.‏

وفي هذه الذكرى, ذكرى ميلاد السيد المسيح, لابد أن تتنامى أمام ذاكراتنا البصرية صور الاستشهاد من أجل قضايانا العربية العادلة, في فلسطين بوجه خاص, حيث كانت ولادة المخلص, كما في بقية الأراضي العربية المحتلة بوجه عام. وإذا لم تكن الأدوات لدى أصحاب النوازع الشريرة على النحو الذي تجسدت أيام السيد المسيح, فإن عمليات القتل والتدمير والتهجير الذي نراه ينعكس أمامنا على شاشات التلفزيون على مدار ساعات الليل والنهار, لا تختلف, من حيث المبدأ عن قسوة جريمة الصلب, لأن ما يحمل الألم للإنسان, منذ أن كانت الجرائم سبيلاً لحرمانه من الحياة, حتى إذا اختلف شكلاً فإنه لا يختلف عنه من حيث المضمون.‏

إن عملية الصلب التي تمت قبل أكثر من ألفي سنة, مستمرة في زماننا هذا, ولكن مع اختلاف الأدوات التي تستخدم اليوم على أيدي الصهاينة في أراضينا العربية المحتلة, بمعنى الاختلاف في الشكل, ولكن تبقى النتيجة واحدة.‏

وفي ذكرى ميلاد السيد المسيح, تعلو صلواتنا, في كنائسنا وفي مساجدنا أن يجنب وطننا, شعباً وقائداً, حاضراً ومستقبلاً, مخاطر ما يحاك من حولنا للنيل من وطننا وذلك تحت سمع وبصر من يصورون أنفسهم بأنهم المخلصون الجدد للبشرية, بل ويزيدون من غلوائهم بالقول إنهم يسيرون على درب الوحي الذي يأتيهم من السماء!‏

إننا في الذكرى التي نحتفل بها اليوم, أيضاً من أجل هؤلاء الجدد نصلي كي تهديهم السماء للوقوف أمام أنفسهم, لأن في مثل هذه الوقفة تتكشف لأنفسهم قبل غيرهم حقيقة ما يضمرون وبذلك لا يبحثون عن وسائل خداع الغير. ولكن تراهم يفعلون? أم أنهم يريدون لشهوة الدم أن تتجدد في نفوسهم وفي عقولهم مع طلوع الشمس كل صباح?‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي |  dalatione@hotmail.com | 24/12/2005 23:21

نعم للكاتب فيما قاله, فولادة المسيح كانت لتبيان الحق من الباطل, وبعد ألفي سنة نجد البشرية تجعل الباطل حقا, وكأن المسيح لم يلد ولم يأتي بالقيم الفاضلة, فأمسينا بحاجة لعودة المسيح ليهدي الإنسانية من جديد بعدما أهدى البشرية وضلت الطريق. ومهلا أيها الكاتب ..فأمامك مليار مسلم وأكثر لايعتقدون أبدا بصلب المسيح, بل كانت المؤامرة بصلبه من بني جلدته , لكن الله رفعه كما اصطفى أمه مريم, فلا يجوز تمرير مقولة صلبه وعلى الماشي من غير تدقيق كما فعلت أنت في مقالتك الرائعة هذه. مؤامرة الصلب أقرت من الكهنوت ومررها الحاكم المستعلي , لكنها لم تحدث, فإذا حكم القضاء بالباطل فإن القدر يحكم بالحق. وبعيدا عن المؤامرة التي انتهت بخلاف على الحدث, يطيب للمخلوق الفاضل أن يحتفي بميلاد المسيح بإعلاء القيم الأضيلة أكثر من إظهار الحفاوة المصطنعة.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 د . أسكتدر لوقا
د . أسكتدر لوقا

القراءات: 935
القراءات: 1288
القراءات: 1241
القراءات: 1182
القراءات: 1234
القراءات: 1355
القراءات: 1227
القراءات: 1276
القراءات: 1300
القراءات: 1695
القراءات: 1225
القراءات: 1211
القراءات: 1814
القراءات: 1212
القراءات: 1372
القراءات: 1248
القراءات: 1215
القراءات: 1427
القراءات: 1286
القراءات: 1281
القراءات: 1184
القراءات: 1317
القراءات: 5733
القراءات: 1271
القراءات: 1359

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية