وبالطبع لكل عمل إبداعي مبادىء أساسية لا بد لمن يدخل عالمه أن يعرفها, ولا غنى له عن امتلاك ناصيتها, ولكن الجميع يقفون حائرين أمام عمل فني أو أدبي حقق نجاحاً جماهيرياً ملحوظاً وهو لا يمتلك عناصر تعد من مقومات النجاح حسب المعايير التقليدية, كما يحارون أمام فشل عمل امتلك برأي النقاد مقومات العمل الرفيع.
أعتقد أن سر الفشل والنجاح ليس عصياً على الاكتشاف, إنه يتعلق بأمر أساسي إذا امتلكه المبدع ارتفع, وإذا فقده وقع, ألا وهو الصدق, وهو التفسير الأول لارتفاع أعمال لمبدعين من غير المشاهير, وسقوط أعمال لمبدعين كبار.
إن لحظة الصدق هي الخيط الخفي الذي يشد الناس الى العمل الابداعي, خيط أقوى من خيوط الحرير والحديد, وعندما لا يتوفر الصدق يرتفع سور خفي بين الجمهور والمبدع, حاجز لا يدرك بالحواس التقليدية, وإنما بحواس الروح والقلب والوجدان. بقرار يمكن أن يعمل الانسان في مهنة إبداعية ويمكن أن ينتسب الى نقابة الفنانين أو الكتاب أو الصحفيين ويصبح عضواً فيها, ولكن هذا القرار سيبقى حبراً على ورق إذا لم يمتلك من يعمل في مهنة إبداعية الصدق, الصدق مع نفسه والصدق مع كتابته وفنه والصدق مع الناس الذين يتوجه إليهم بعمله.