الذين يتلقون العلاج في مشافي الكيان الغاصب، غير أنه كما لم تعر الأمم المتحدة كل الأدلة السابقة أي اهتمام، وكما لم تجد الاعتداءات والاستفزازات الإسرائيلية أي صدىً في أروقتها، فإن التوقعات تشير إلى أن هذا العدوان والاعتداءات اللاحقة أيضاً لن تحظى باهتمامها على الأرجح.
إذاً يمكن وضع الأمم المتحدة المُهيمَن عليها أميركياً في سلة واحدة مع الدول الشريكة - أميركا والغرب وتركيا ودويلات الخليج وإسرائيل - في العدوان المتواصل على سورية منذ أواسط العام 2011، ذلك أن المنظمة الدولية تخطت ميثاقها ومبادئها وقوانينها، وانخرطت بمخطط العدوان على سورية، وعكست ذلك في أداء وتصريحات مسؤوليها الأمميين؛ بدءاً من بان كي مون، وليس انتهاءً بالمبعوثين والمندوبين، فضلاً عن قوة (الأندوف) التي تتكتم على الكثير من الوقائع ولا تضع مجلس الأمن بصورة ما يجري في الجولان السوري المحتل.
إذا كان الأمر وصل بالأمم المتحدة التي أمست طرفاً في العدوان على سورية إلى هذا المستوى، فعليها أن تأخذ علماً من هذه اللحظة بضرورة سحب قواتها العاملة على الحدود السورية واللبنانية مع فلسطين المحتلة، لأنه من غير المقبول بالمطلق أن تكون خصماً وحكماً في الوقت ذاته، ولأنها كمنظمة دولية معنية بحفظ الأمن والسلام في العالم ينبغي عليها ألّا تلعب أي دور سياسي من شأنه أن يغطي على ممارسات قادة الإرهاب في (إسرائيل)، أو أن يساهم بإنقاذهم في لعبة الانتخابات الداخلية.
لا يخفى على أحد أن لوقوف كيان الاحتلال إلى جانب إرهابيي تنظيم جبهة النصرة مجموعة أهدافاً تشتغل عليها (إسرائيل) مع منظومة العدوان على سورية، وأن العدوان الأخير وما سبقه من اعتداءات واستفزازات هي محاولات يائسة، وردود فعل بائسة تندرج في إطار حالات فقدان السيطرة على الأعصاب، والتخبط، والتهور، التي يسببها تقدم الجيش العربي السوري الميداني على جبهتي درعا والقنيطرة في ملاحقته للمجموعات الإرهابية، بما يسقط كل مخططات العدوان بإقامة منطقة عازلة هناك.
ولا يخفى أيضاً أن للاعتداءات الإسرائيلية غايات سياسية أخرى تتصل بالوضع الإسرائيلي الداخلي، حيث يسعى نتنياهو إلى تحسين مكانته انتخابياً بعد الانهيارات السياسية الحاصلة في تحالفاته الحزبية لتشكيل الحكومة، لكنه ربما لا يعلم أنه يلعب بالنار التي قد تحرقه وتخرجه من الحلبة السياسية نهائياً، إذا بالغ في الاندفاع لتصدير أزمته إلى الخارج، ذلك أن هذه الاعتداءات لن تبقى في حال من الأحوال بلا ردّ، بل ربما لن يكون لدى كيانه قدرة امتصاص الردّ الذي قد يلزمه ومن معه في منظومة العدوان الغربية - التركية - الخليجية بإعادة الحسابات.