| ثقافــــــة مقاومــــــة شؤون سياسية على هذا النحو يتفهم المواطن في بلدنا الحبيب معنى العيد الذي نحتفل به سنوياً في السابع عشر من شهر نيسان، وفي سياق احتفالنا به هذا العام تعود بنا الذاكرة إلى أيام قصف دمشق والمدن السورية كافة بقنابل الدبابات وبرصاص البنادق المحشوة حقداً على السوريين، جزاء وقفاتهم المناهضة للاستعمار الفرنسي خلال ربع قرن من الزمان 1920-1946 وخصوصاً ليلة التاسع والعشرين من شهر أيار عام 1945 إلى أن اندحرت قواته من على أرضهم إلى غير رجعة. وتذكرنا هذه المناسبة بالمعارك التي لم تتوقف بين أبناء شعبنا والقوات الغازية منذ ساعة نزولها على شواطىء وطننا، وذلك تعبيراً عن الرفض، رفض الواقع، كذلك رفض تبعات الاتفاقية التي أبرمت بين الحكومتين الفرنسية والبريطانية في العام 1916 وعرفت باتفاقية سايكس بيكو المشؤومة. إن الجلاء كحدث كبير بين التواريخ الكبرى الأخرى التي خبرتها جماهيرنا في سورية، لم يكن مجرد تعبير عن رفض الواقع الاستعماري في البلاد إنما فضلاً عن ذلك كان تجسيداً لثقافة اكتسبتها الجماهير على مدى قرون، هي ثقافة مقاومة المستعمر أياً كانت هويته، ومن هنا جسامة التضحيات وحكاية النصر وتحقيق الجلاء في سنة 1946 دون احتساب مقدار الخسارة في الأموال والأرواح. هذا الحدث الكبير يعد طليعة الأحداث التي صنعت مجد سورية والمشاعل التي أنارت درب أبناء شعبنا وصولاً إلى نهاية المطاف من حيث العلاقة مع المحتل الأجنبي،وبالتالي بدء زمن بناء الوطن مروراً بكل الأحداث التي ساهمت في صنع التاريخ الحديث لبلدنا الحبيب وبينها ثورة آذار والحركة التصحيحية وحرب تشرين التحريرية، ولجم أطماع الساعين إلى تجزئة المنطقة وتقسيم ما هو قائم منها، تسهيلاً للشعار القائل بدولة إسرائيل من الفرات إلى النيل. عيد الجلاء عيد الوعي العربي، عيد رفد الثقافة الوطنية والقومية بدم ثقافة المقاومة، عيد التأكيد على أن إرادة الشعب الذي يريد الحياة لا يمكن أن تهزم أو أن تنتكس لأي من الأسباب سواء أكانت ذاتية أم موضوعية. وبذلك لا يملك أحدنا سوى حني الرأس احتراماً لشهداء الاستقلال وإكباراً للأسر التي أنجبتهم ليكونوا الطليعة بين أبناء شعبنا على درب بناء الوطن بعزم وإيمان بالله، وذات يوم قال القائد الخالد الرئيس حافظ الأسد مخاطباً أحد ضيوفه الأجانب خلال مقابلة أجرها معه في دمشق بتاريخ 9 آذار 1982: إذا كانت الامبريالية تملك تكنولوجيا متقدمة وتملك قوات عسكرية كبيرة وتملك ثروة اقتصادية لكنها لا تملك إرادة الشعوب. لهذه الاعتبارات التي آمنت بها جماهير شعبنا بذل الكثير وضحى حتى تحقق الجلاء واندثرت قوات المستعمر ومعها كل أنواع التكنولوجيا والثروات الاقتصادية. dr-louka@maktoob.com
|
|