تصوروا معي لو أن ماقاله الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر أمس حول امتلاك اسرائيل لأكثر من 150 سلاحاً نوويآً قاله الرئيس الحالي جورج بوش, كيف ستتصرف الأمم المتحدة حينذاك, وكذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية, وما القرارات التي يمكن أن يجمع عليها مجلس الأمن وغير ذلك من الاحتمالات التي يفترض أن تقوم في هذه الحالة ?
لكن, ولأن زمننا هذا هو الزمن الرديء إياه, فإن أي جهة من هذه الجهات, و حتى فرنسا التي أشرفت سراً على بناء أول مفاعل نووي إسرائيلي ( ديمونا ) منذ نصف قرن, لم تنبس ببنت شفة أو تعترض أو حتى تتخوّف, ولأنه الزمن الرديء أيضا فإن مايحدث في الحقيقة والواقع هو عكس ذلك تماماً, أي تطمس الحقائق ويعتم عليها, كامتلاك إسرائيل المفاعلات النووية المتعددة, وكذلك الأسلحة النووية الكثيرة والمختلفة الأحجام والاستعمالات, فيما يجري إنشاء الأكاذيب وإضاءتها كالحديث عن مفاعل نووي سوري اخترعته إدارة الرئيس بوش, وفبركت حوله القصص والخزعبلات .
فكيف لأميركا, وهي الأولى تقنياً واستخباراتياً, ان تخفق طوال أكثر من نصف قرن في اكتشاف واحد على الأقل من المفاعلات النووية الإسرائيلية والأسلحة الناتجة عنها, وتنجح خلال تصريح أو اثنين, وخلال كذبة أو أكثر, في اكتشاف مفاعل نووي سوري, فترسمه وتصوره, وتقول فيه مالايقبله أي منطق أو عقل سليم ?
قال كارتر ماقاله, وقال آخرون مثله وأكثر في إسرائيل وسلاحها النووي, من موقع الضرورة الأخلاقية لنشر الحقائق على الأقل, غير أن مثل هذه الضرورات لاتزال مفقودة في البيت الأبيض, وبين من يديرونه اليوم, ولهذا لن تقول أميركا ولا من يمالئها شيئاً عن السلاح الإسرائيلي, مادامت الحقائق والأكاذيب في عين الرقيب الأميركي الأعور, محكومة بمعايير الافتراس والهيمنة لا بمعايير الأخلاق والنزاهة والحياد .