ولكي تمر مراوغاتهم ودجلهم وأكاذيبهم على العالم فإنهم يعلنون مرة أن جيشهم المحتل سينسحب من هذه القرية الفلسطينية أو تلك, أو أنهم سيزيلون هذا الحاجز العسكري أو ذاك لتسهيل حركة المواطنين الفلسطينيين, فيما يشير الواقع أنهم يقومون بالوقت ذاته باحتلال أكثر من موقع في حال الانسحاب من موقع ما وبناء أكثر من حاجز في حال قرروا إزالة حاجز ما, والأمر ذاته ينسحب على المستوطنات, حيث يوهمون العالم بأنهم في طريقهم لتفكيك مستوطنة (غير مرخصة) أو (غير نظامية) وكأن هناك استيطاناً مشروعاً وآخر غير مشروع, وفي الوقت ذاته يقومون ببناء عشرات الوحدات الاستيطانية مقابل تلك التي قرروا تجميد العمل بها أو تفكيكها.
ومثل هذا الكلام ليس مصدره التكهنات أو الرجم بالغيب بل هو حقيقة أكدها تقرير للأمم المتحدة صدر الأسبوع الماضي وكشف أن عدد الحواجز الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة زاد بنسبة 7% وارتفع من 665 حاجزاً في أيلول 2007 إلى 607 حواجز في نيسان الماضي, وهو عكس الادعاءات التي يطلقها حكام (إسرائيل) العنصريون.
وأوضح التقرير أن (إسرائيل) أزالت 110 حواجز بينها (7) خلال شهر نيسان الماضي لكنها بالمقابل أضافت 141 حاجزاً جديداً.
بعد هذه الحقائق الساطعة فإن السؤال الذي يلقي بظلاله على ادعاءات (إسرائيل) هو: إلى متى ستظل هذه الأخيرة تكذب على العالم وتسوق بأنها مع تطبيق ما تم الاتفاق عليه مع الفلسطينيين?! وإلى متى سيظل بعض السياسيين وبعض الحكومات الغربية تتستر على هذا الكيان العنصري وتزعم بأنه راغب بالسلام وأنه يزيل الحواجز ويفكك المستوطنات ويحارب الإرهاب المزعوم?!
إن الحقيقة الوحيدة التي يمكن البوح بها ومن دون أي تردد أنه لولا آلية التعاطي الغربي -التي تحابي إسرائيل- لما تجرأت هذه الأخيرة على ارتكاب جرائمها ولما داست على قرارات الشرعية الدولية ولما بنت مئات الحواجز في الوقت الذي تزيل فيه حاجزاً واحداً.
وفوق هذا وذاك فإن سياسة الولايات المتحدة- التي تدعم (إسرائيل) علناً في تكريس سياستها الاحتلالية والاستيطانية والإرهابية- هي من يشجع هذه الأخيرة على التمادي في تحدي العالم والاستمرار في اغتصاب حقوق الشعب العربي الفلسطيني.
ويبقى السؤال الأخير يدور حول السلام والدولة المستقلة, فأين هذه الدولة في ظل هذا الاستيطان وتلك الحواجز? وأين السلام في ظل كل هذه السياسات المتغطرسة والقائمة على التوسع والعدوان?!.