تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الإرهاب.. باعتباره عقلاً!

معاً على الطريق
الثلاثاء 2-12-2014
خالد الأشهب

تنشغل الإدارة الأميركية ووزارة خزانتها مثلما ينشغل الاتحاد الأوروبي.. وتلتحق بهما سلسلة لا تنتهي من الدول والجهات ووسائل الإعلام ومراكز الأبحاث ومعاهد الدراسات المصنعة الأولى لمكونات الرأي والقرار السياسي..

تنشغل بالبحث والإعلان عن مصادر تمويل الإرهاب وجماعاته المختلفة من القاعدة إلى داعش والنصرة إلى اشتقاقاتها واستطالاتها المختلفة, وبالمطالبة بتجريم هذه الجهة أو تلك وذلك الشخص أو ذاك بتهمة تمويل الإرهاب وإرسال الأموال إليه, ويتجه الحديث عامة نحو تضليل العقول وإعماء العيون, وسواء قصداً أو سهواً « بأن قطع دابر التمويل المالي والعسكري للإرهاب كفيل بإنهائه أو تحجيمه على الأقل!‏‏

صحيح أن المال الوفير والمنفلت والسلاح المشترى بالوكالة أو بالأصالة والتهريب عبر الحدود والبراري, وفق النموذج السعودي الجاري اليوم إزاء الجماعات الإرهابية في سورية والعراق, يساهم بالقسط الأكبر من توفير القوة والسطوة لجماعات الإرهاب, التكفيري منه خاصة, وصحيح أن بعض الساعين حول العالم إلى قطع دابر هذا الإمداد المادي للإرهاب يؤمنون حقاً بما يفعلون, ويتصورون أن ذلك هو بيت القصيد في محاربة الإرهاب, غير أن الصحيح أولاً هو أن الإرهاب مادة ذهنية عقائدية قبل أن يكون مالاً وسلاحاً وحدوداً مخترقة, فهو منظومة معقدة من الأفكار والعقائد والأيمانات والإيحاءات, تتداول في جهة فتأتي تجلياتها شطباً للآخر المختلف وإلغاء له بالقتل والإبادة, وتتداول في جهة ثانية فتأتي تجلياتها انغلاقاً على الذات أو تصوفاً أو تنسكاً.‏‏

وعلى هذا النحو من فهم الإرهاب وتحليله وإعادة تركيبه, لا يعود المال والسلاح والمرتزقة سوى أدوات في أيد غير منظورة أو مشخصة, تدير اللعبة كاملة ومن خارج حدودها.. فيما الباحثون عن تجفيف مصادر التمويل والتسليح والتمرير يديرون لعبتهم منقوصة ومن داخل حدودها, وبما لا يوفر لهم الرؤية الشاملة للمشهد الإرهابي. هنا, لا يعود ثمة بد من التوقف عند المصادر الذهنية والعقائدية للإرهاب بوصفها بيت الداء وبؤرة المرض.. إذ هل يصدق أحدكم أن المسألة كلها أجندات ومخططات وأجهزة مخابرات, أو هي ارتزاق بارتزاق بالنسبة لمن لا يجد رزقاً, أو هي وفرة المال الداشر والسلاح والنساء وإغراءاتها ؟‏‏

ثمة مجتمعات تنتج الأفكار والعقائد المؤسسة للإرهاب, تتداولها وتعمل بهديها وتنظم حياتها اليومية والمعيشية في ضوئها.. حتى ولو لم تكن تقصد ذلك, وحتى لو ادعت أنها تقصد الخير العام, وثمة حكام راقت لهم مثل هذه الأفكار والعقائد, فشاركوا في لعبة التداول والعمل بها, بل باتوا الجزء الأهم من آلة إنتاج هذه الأفكار والعقائد في المجتمعات التي يحكمونها, لا لإيمانهم بها, بل لأنها كرستهم حكاماً « صالحين « وأهدتهم السلطة والمال دون حساب, ومجتمعات الجزيرة العربية كاملة وكذلك حكامها ومع تفاوت نسبي بينها وبينهم هي خير مثال وغير وحيد على تلك المجتمعات المنتجة للإرهاب بقصد أو من دونه وأولئك الحكام المستفيدين منه!‏‏

هنا يبدأ تجفيف منابع الإرهاب, يبدأ بتجديد البنى الذهنية والعقائدية المؤسسة له, نسف بعضها كاملاً وإصلاح بعضها الآخر, وهي عملية مريرة بعيدة المدى لا بد من البدء بها يوماً ما.. ولكن ليس قبل دك معاقلها السلطوية وبناها السياسية الحاكمة التي تنوس بين تغذيتها سراً من جهة والشكوى من تجلياتها من جهة أخرى!!‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2200
القراءات: 2101
القراءات: 2523
القراءات: 2479
القراءات: 2255
القراءات: 2622
القراءات: 2567
القراءات: 2504
القراءات: 2273
القراءات: 2596
القراءات: 2808
القراءات: 2700
القراءات: 2402
القراءات: 2861
القراءات: 2929
القراءات: 3011
القراءات: 2793
القراءات: 3170
القراءات: 3120
القراءات: 3226
القراءات: 2623
القراءات: 3093
القراءات: 3578
القراءات: 3341
القراءات: 3398

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية