والحقيقة التي يدركها جميع المتقدمين وسواهم أن الرضى المطلوب -إضافة إلى رضى الوالدين- هو القبول الجماهيري والقدرة على خوض المعركة الانتخابية باستخدام أسلحة متنوعة تبدأ من امتلاك المؤهلات العلمية والنظرية والمعرفة بواقع المجتمع السوري برمته, فضلاً عن الخوض في تفاصيله الدقيقة, وإقامة علاقات متينة مع شرائح المجتمع المحلي, والقدرة على التواصل مع أبنائه في مختلف مواقعهم وإبداء الاستعداد الدائم لسماع مطالبهم والعمل على تحقيقها, وفوق هذا كله الاضطلاع بمعارف واسعة, والقدرة على المحاكمة المنطقية, والتمييز بين منافع ومضار الصالح العام, وتحديد توقيت إطلاق المبادرات, وتوظيفها في الخدمة العامة, وأخيراً الفوز برضى الناخبين, وإعطاؤهم النموذج المحتذى لممثل مستقبلي يعكس تطلعاتهم ويمثلهم خير تمثيل.
الصورة التي رسمتها وصفاً مثالياً لعضوية مجلس الشعب, وهي قد تبدو بعيدة عن الواقع, لكنني أجزم أنها ممكنة التحقق في نماذج شخصية تنتشر على امتداد الوطن بأكمله.
ويدعم إمكانية تحقيق هذا التوصيف الشروط التي أقرتها أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية, فهي قد وضعت معايير مسلكية وإدارية واجتماعية وقيمية لمرشحيها الذين ستختارهم ليكونوا ممثليها للبرلمان في دورته التاسعة, وتستبعد تلك الشروط الأشخاص الذين ارتكبوا مخالفات إدارية أو غير القادرين على التواصل مع أبناء بيئتهم بدرجة كبيرة, بمعنى أن عمليات التفضيل ستكون غاية في الدقة بحيث يتم اختيار الأفضل مع وجود الجيد, والهدف من كل ذلك هو أن يخرج المجلس الجديد بأعضاء أكثر قدرة على الاستجابة لمتطلبات المستقبل, من خلال معارفهم الخاصة, وامتلاكهم الواضح لروح المبادرة الخلاقة, والاستعداد للعمل المتواصل تحقيقاً للهدف المطلوب في وضع تشريعات تواكب المتطلبات والمستجدات على مختلف الأصعدة.
وشخصياً فإنني يحدوني أمل كبير بأننا سنواجه مجلساً يعيد ألق حضوره بين مختلف أبناء شعبنا, ويكون مجلساً ممثلاً حقيقة لهم جميعاً.