أما الجحور فهي بيوت المخالفات وما شابهها ولا يهبط عنها إلا العراء وأكواخ الصفيح. وأما القصور فهي الشقق الواسعة في الأحياء اللامعة فلا يعلو عليها إلا القصور التي تطمح أن تحاكي )برمنغهام) أو )الإليزيه) وهي نادرة ندرة لحم الخراف ذات الإلية. وأما ما بينهما فهي مايقال فيها )إذا كان خبزك ناضجاً, وماؤك بارداً, وخلّك حامضاً فلا مزيد عليه مع أيّ طعام).
ولا أحد يسأل كيف يعيش المواطن ? سأل الأمريكي الحاسوب (الكمبيوتر) )كم عدد حبات الرمل في شواطئ كليفورنيا) فأحصاها حبة حبة وأعطاه الإجابة, وسأله الأوروبي ) كم عدد نجوم درب التبانة) فأحصاها نجمة نجمة وأعطاه الإجابة, وسأله ابن العرب )شوفي مافي?) فصال وجال وتقلقل ثم انفجر. أما لماذا يعيش المواطن ? فلتشاطره الدولة لقمة خبزه وليحملها على أكتافه لأن خزينتنا مبنية على الفوائد والضرائب مثل الذي يطالب بضريبة (المسقفات) فإن عجز (المضروب( قام )الضارب) بحجز البساط الصوفي أو مدرج اللباد, وإن دام العجز بيع البيت بالمزاد العلني.
تمنحك المصارف القروضَ السخية فتستردها أضعافاً كالعلق يمتص الدم بسلاسة. حتى المنظمات الشعبية: يمنحك اتحاد الصحفيين (100) ألف ليرة فتبلغ ضرائبها (55) ألفاً. وفي اتحاد الكتاب العرب تتأخر عن دفع اشتراك العضوية, أو الاشتراك بالضمان الصحي, أو صندوق التقاعد فتجد نفسك غريقاً يرفع يديه يصيح )النجدة النجدة) فلا يرى يداً تمتدّ إليه.
في أواسط التسعينات مَنَحَ الأعلون شققاً سكنية في أبنية الإسكان شرقيِّ حاميش. فأُعطي أصحاب الواسطات )الثقيلة) شققاً في الطبقات الأرضية التي فيها حديقة و)سوبر ماركت) محتمل ! يُفتح في جدارٍ مُخْتَرَق. أو شقق الزوايا (السوكة) وكلُّ مايباع بأحسن الأسعار. وأُعطي أصحابُ المناصب )الخلَّبية: كمعاون وزير ومدير عام) الطبقاتِ العليا التي تمتص برد الشتاء وقيظ الصيف. أما سائقو كبار المسؤولين ومَحاسِيبهم فقد أُعطوا الطبقاتِ المتوسطةَ الأفضلَ للسكنى وللبيع - أعطي سائق مسؤول كبير شقتين في بناءين متجاورين - وأما قوانين )منع البيع) فيلتفون عليها كما تلتفّ خيوط الطحالب على الصخور, وأما مواصفات البيوت التي أنجزها مقاول )محبوب) فلعلها خيرٌ من الزرائب: البلاط مليء بالحفر والبقع الرملية التي تكسَّر سطحُه عنها, والأبواب الخشبية الخارجية والداخلية ونوافذ الألمنيوم مخلَّعة, والتمديدات الصحية المدفونة تحت البلاط مهترئة يتسرب منها الماء الحلو والمالح ولا مناص من حفر الأرض واستبدالها, والتمديدات الكهربائية أسلاكها مهترئة وغير صالحة فإنك ترى