أعدّ الكونغرس الأميركي مؤخراً مشروع قانون يسمح بفرض عقوبات جديدة ضد روسيا سيُصوّت عليه الثلاثاء القادم، ويُعد مشروع قانون آخر يفرض عقوبات على إيران، ليُضيف بذلك قانونين جديدين إلى سلسلة طويلة من القوانين التي تُشرعن معاقبة ومحاسبة ومحاولة عزل الحكومات والدول على قاعدة الخصومة مع الولايات المتحدة، أو على فرضية العداء لها، أو فقط لأنها تُقاوم سياسات الهيمنة الأميركية ولا تخضع لها!.
ما من جديد في ذلك، فسياسة العقوبات أحادية الجانب هي سياسة أميركية غربية رسمية مُعتمدة، يلجأ الغرب وأميركا لها في حالات العجز والإفلاس، وفي حالات التمهيد للقيام بما هو أخطر، فتكون العقوبات الخطوة التي تسبق التدخل المباشر بمُمارسة العدوان العسكري الذي غالباً ما يحتاج فعل التحشيد وتهيئة الرأي العام لا ليتقبّل ويُؤيد فقط، بل ليَمتنع عن الرفض والمُمانعة والتعبير عنهما بأساليب قد تُزعج أو تفضح الغرب وأميركا.
الجديد في الأمر الذي يُعده الكونغرس هو ما يُؤشر إلى حقيقة أنّ أميركا هي مُؤسسة حقيقية للعدوان والبلطجة، صُممت كنظام حكم من أجل ذلك، ويسعى الكونغرس لتثبيت هذا الأمر من خلال مشاريع القوانين التي يُعدها ويُصوّت عليها، فتُصبح مُلزمة له وللرئيس والبنتاغون، أي للمؤسسة كاملة.
الجديدُ الخطير هو في انعدام ثقة الكونغرس بالبيت الأبيض، أو بمُحاولة سحبها منه وتقييده وانتزاع الصلاحيات منه، وإنّ ما يُرسخ هذا الفعل ويجعله ظاهراً وعلنياً تَعمّد الكونغرس منح ذاته حق التصويت على كل قرار رئاسي مُحتمل، فلا يكون ساري المفعول إلا بعد حصوله على موافقة الكونغرس.
مأسسة وشرعنة البلطجة الأميركية، ومُحاولة منع أي مُكوّن من مُكونات المؤسسة الأميركية الحاكمة من القيام بعمل مُعطل أو مُعاكس، هو ما يقوم به الكونغرس فعلياً، إذ مُجرد الشك الذي يشعر به من أنّ الرئيس دونالد ترامب قد يُخفف العقوبات المفروضة على روسيا دفعه لمحاولة انتزاع جزء من صلاحيات الرئيس، بمُقابل انتزاع حق وصلاحية الرقابة على قراراته وتعطيلها .. وبالديمقراطية؟!.