تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بلا بيانات.. مرة أخرى..!

رؤية
الاثنين 24-7-2017
سعاد زاهر

حتى قصاصة ورق قديمة أو صورة.. كنت أتردد طويلا قبل حذفها أو التخلص منها..!

مكتبتي في منزل سابق.. امتلأت بمفكرات صغيرة.. فيها خربشات اكتشافاتك الاولى..‏

وأماكن كثيرة ضاقت بها تلك الاوراق المهملة.. والاشياء التي اعتقدت دوما أنني لايمكن أن احيا من دونها.. الى ان اتت الحرب.. وخسرتها كلها في منزلي..‏

ولم انس حتى اليوم.. كيف كنت اجمع كل شئ على اول كمبيوتر امتلكته، معتقدة انني تركته قابعا.. هانئا.. ولكنه متخما ببياناتي الشخصية ومقالاتي.. وافكاري.. وصور رحلاتي.. ولا استغرب ان من استولى عليه من منزلي.. رمى بها بكبسة زر..‏

كانت المرة الأولى التي أخسر فيها كل بياناتي.. حينها ولأن الخسارة مفاجئة.. وترافقت مع أحداث ملتهبة.. ودامية.. لم تترك لك ولا حتى جزءاً من الثانية للتفكير.. تجاوزتها بقوة رغما عني..‏

كنت كلما احتجت شيئا من تلك البيانات.. أتحايل لإيجاد البديل.. وغالبا أفشل.. واتناسى الامر.. يبدو أنا بإمكاننا الاستمرار في اقسى الظروف وأصعبها طالما أن قلوبنا تنبض.. وأي حديث عن ضعفنا ماهو إلا وهم..!‏

بعد أكثر من سنوات ست.. امتلكت بيانات هائلة على كمبيوتري المحمول الجديد.. وصور لاحصر لها.. اعتقدت انها سترقد هناك في امكنتها الى الابد.. وستكون في متناول يدي متى شئت.. ولاشك انها في مأمن..‏

غالبا الاطمئنان يبعدنا عن الحذر..!‏

لم يخطر لي أن انقلها الى أي مكان آخر.. لم اتوقع انني سأفقدها مجددا..‏

الشك والحذر يعذبنا ويقتل لحظاتنا الجميلة..!‏

والاطمئنان يفقدنا اياها.. وما بين الاثنين.. نتوه ولانعرف على أي الجهات نتكئ..!‏

هاهو مبرمج الكمبيوتر وهو يحاول تحديث احد البرامج يفقدني ملفاتي وبياناتي وكل ماكتبته خلال سنوات ست..!‏

الان كمبيوتري لايعاني من زهايمر.. فقط.. بل من موت دماغي..‏

و للمرة الثانية انا بلا بيانات..!‏

حتى الآن لم أكتشف وقع الأمر علي.. كأن ذهني تجمد.. حتى وهو يغوص بخجله ويعتذر بشدة ويلومني لعدم احتفاظي بنسخ أخرى.. لم يبدر مني أي تعبير.. ليست حيرة.. وليست لامبالاة.. شعور لم افهمه..!‏

غريب.. ما يحدث معي..‏

هل بدأت أفقد احاسيسي تدريجيا.. ؟‏

هل اعتدت مذاق طعم الخسارة.. ؟‏

لم احلل الامر.. ولم أقف عنده طويلا..‏

ولكني اشك ان حالي يشبه حال الكثير منا ممن عايشوا الحرب.. احساس عميق بخسارات لاتعوض.. وغالبا احساس بالعبثية واللاجدوى.. ونتفقد حواسنا الخمس وكأننا نشكك بوجودها..!‏

soadzz@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 سعاد زاهر
سعاد زاهر

القراءات: 11214
القراءات: 792
القراءات: 847
القراءات: 798
القراءات: 961
القراءات: 801
القراءات: 822
القراءات: 782
القراءات: 785
القراءات: 813
القراءات: 839
القراءات: 816
القراءات: 848
القراءات: 846
القراءات: 874
القراءات: 909
القراءات: 892
القراءات: 906
القراءات: 879
القراءات: 962
القراءات: 894
القراءات: 943
القراءات: 950
القراءات: 965
القراءات: 754
القراءات: 813

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية