تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


انهيارات بالجملة

معاً على الطريق
الأثنين 24-7-2017
مصطفى المقداد

ما إن بدأت عملية الكماشة العسكرية المزدوجة في جرود عرسال حتى تساقطت القوى الإرهابية كما تتساقط أحجار الدومينو في اللعبة المعروفة، تماماً ، فها هم مسلحو النصرة وغيرهم يرفعون رايات الاستسلام على جميع مواقعهم معلنين هزيمتهم

وبالتالي هزيمة المشروع الذي يمثلون وهو مشروع العدوان الاستعماري الغربي الممتد في التاريخ مئات السنوات ، والمتجدد وفق المتغيرات والمستجدات السياسية والاجتماعية والثقافية والعسكرية ، ومع سقوط أدوات هذا المشروع التنفيذية تسقط العوامل المؤسسة له والحوامل التي عملت المضي في ذلك المشروع منذ بدء مرحلة الاستعمار القديم المترافقة مع الكشوف الجغرافية والوصول إلى مناطق بعيدة واكتشاف حجم الثروات المتوفرة في البلدان الجديدة وخاصة منطقة الوطن العربي ووسط آسيا ، ما جعل هذه المناطق مناطق تنازع نفوذ على امتداد أكثر من خمسة قرون ، وقد اتخذ التنازع أشكالاً متنامية من العنف والتوحش وصولاً إلى أكثر الفترات وحشية مع توظيف تنظيم داعش ومحاولة تحويله إلى وهم مخيف ينفذ عبر الحدود متجاوزاً القيود العرقية والسياسية مهدداً الأنظمة السياسة كلها بالدمار والخراب وفاتحاً الباب أمام مرحلة جديدة من العلاقات الدولية تتجاوز العلاقات التقليدية التي تحدد الصلات المتعلقة بالدول والتنظيمات ليطول الأمر حتى الأفراد ، ما يجعل لبعض الشخصيات دوراً يوازي أدوار حكومات وتشكيلات سياسية مسقطاً الطبيعة التقليدية التي حكمت العلاقات الدولية على مدى التاريخ .‏

من المؤكد أن وحشية داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية اتخذت أشد أشكالها شراسة في سورية كونها تمثل العقدة التي تحول دون تحقيق أهداف المشروع الاستعماري المرحلي في هذه الفترة وهو تمكين الكيان الصهيوني في السيطرة على المنطقة العربية وامتدادها الثقافي التاريخي، فتجمعت قوى الإرهاب تبتدع أشكالاً من التخريب الممنهج لتخريب بنية المجتمع السوري وهيكلية النظام السياسي والثقافي والتربوي لتكون شواهد العدوان واضحة في المدارس والجامعات والمستشفيات ودور العبادة مع ما رافقها من ضرب لمشاريع البنى الأساسية وحرمان المواطنين من الكهرباء والوقود وصولاً إلى مياه الشرب وغيرها من خلال توظيف مجموعات إرهابية تنفذ وظائف محددة في كل مرحلة لتنهار بالتتالي على مدى سنوات العدوان، وصولاً إلى السنة السابعة حيث بدأت عمليات سقوط المجموعات الإرهابية تتسارع بطريقة لافتة ، ففي مقابل تطهير جرود عرسال ومحيطها وقرى القلمون الغربي ، كانت عمليات تطهير ريف حمص والتنف بعد حلب وجزء كبير من أريافها ما يفتح الباب واسعاً لتطهير كامل التراب السوري المقدس واجتثاث الإرهاب من جذوره ، ريثما يبتكر الاستعماريون أساليب جديدة في مرحلة قادمة تتوافق مع الشروط والأحوال المستقبلية ، بعدما يرى المراقبون أن انهيار قواعد الإرهاب في المنطقة كلها يرتبط بحالة الإفلاس الغربي من استخدام أسلوب الإرهاب الداعشي والنصروي وغيرهما في إضعاف سورية والمنطقة والسيطرة على ثرواتها ، الأمر الذي استدعى أشكالاً من الحوار عبر مسارات سياسية قابلة للتغير وفق الحاجة والمتغيرات ، والبحث عن مخارج للمتاهة الصعبة والبدء باستعادة التقييم للأخطاء والتحضير لمعركة قادمة ، فالمعركة مع تلك القوى الاستعمارية لن تتوقف أبداً ، لكنها قد توقف حركتها مرحلياً تسترجع قواها وتبتكر آليات جديدة من المواجهة .‏

كان قدر سورية أن تكون رأس الحربة في الكثير من الاعتداءات على المنطقة العربية ، ومنها كانت تنطلق آليات الرد والمواجهة ، وإليها كان ينسب الانتصار المستند إلى صمود غير موصوف وغير مسبوق ، وهي اليوم تقدم الدلائل والبراهين الدامغة بأنها ما زالت تقوم بالمهمة المقدسة ذاتها تصمد وتذود عن حياضها وحياض العروبة حاملة مشعل الحق والعزة ومؤمنة بأن الانتصار آت مهما طال الزمن ، لأن الصمود السوري حالة لا تنتهي .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 مصطفى المقداد
مصطفى المقداد

القراءات: 11447
القراءات: 864
القراءات: 798
القراءات: 774
القراءات: 817
القراءات: 841
القراءات: 882
القراءات: 807
القراءات: 857
القراءات: 919
القراءات: 869
القراءات: 858
القراءات: 883
القراءات: 882
القراءات: 889
القراءات: 973
القراءات: 911
القراءات: 960
القراءات: 978
القراءات: 967
القراءات: 839
القراءات: 912
القراءات: 952
القراءات: 953
القراءات: 850
القراءات: 998

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية