والأهم أنه يمكن عدّ نتائج اللقاء الجدية التي توصل إليها رسالة إلى المجتمع الدولي «المنافق» للضغط على الدول الداعمة للإرهاب لوقف تدفق الإرهابيين إلى سورية.
وما يمكن ملاحظته من أيام اللقاء التشاوري الثاني وما قبله هو أن الجهات المعارضة التي حضرت اللقاء أضاعت الكثير من الوقت، الذي كان يمكن أن يستثمر في مناقشة بنود أخرى هامة، وقد أدى تمهل المعارضة في مناقشاتها ومشاوراتها مع بعضها إلى إضاعة وقت المؤتمرين وعدم استثماره في مناقشة قضايا ذات أهمية بالغة للشعب السوري.
فإذا لم يتم الاتفاق بين المعارضين أنفسهم قبل اتفاقهم مع الوفد الحكومي على ضرورة مكافحة الإرهاب ووضع حد لتدفق الإرهابيين إلى سورية، وغيرها من القضايا ذات الأهمية الأساسية للمواطن السوري، فإن المداولات ستستمر وقتاً طويلاً، وهو ما ينظر إليه السوريون بحذر، وربما بكثير من الخشية والريبة بغاياته.
وإذا كانت الجهات المعارضة... أو البعض منها جادة في المشاركة في إنجاح عملية سياسية في سورية فعليها أن تكون أكثر تحرراً من إرتباطات تبتعد بها عن المصلحة الوطنية العليا حيث يأمل السوريون جميعاً من كل القوى المعارضة الوطنية أن تعمل تحت سقفها لإنجاح خيار سياسي سوري - سوري دون تدخل خارجي.
ويأتي رفض بعض المعارضين عن إدانة الدول الداعمة للإرهاب بالاسم تراجعاً عما تم الاتفاق بشأنه ويمكن تفسيره بأنه عدم رغبة منهم في أن يكونوا جزءاً من الحل السياسي في سورية، ويراه السوريون ابتعاداً عن الوطنية المطلوبة من قوى معارضة من المفترض أنها تسعى إلى مصلحة الشعب السوري في مكافحة الإرهاب وتسمية الأشياء بأسمائها تمهيداً للاتفاق على أسس واضحة وواقعية للبدء في مناقشة ما يفيد سورية والسوريين.
وبما أن الورقة التي تم التفاهم عليها تعدّ وثيقة سياسية بامتياز، فإن على المعارضة والحكومة أن تنطلق منها للتأسيس للقاء تشاوري ثالث يتم التحضير له بشكل مدروس، بحيث تكون أيام التشاور في اللقاء الثالث مكرسة منذ بدايتها إلى وضع القضايا الأساسية على طاولة البحث والترفع عن المصالح الشخصية والارتباطات الخارجية التي تبعد البعض من أفراد المعارضة عما يريده وما يأمله السوريون من تلك اللقاءات.
أما القفز نحو طلب عقد مؤتمر جنيف3 كما فعل بعض المعارضين منهم قبل التوصل إلى تفاهمات على القضايا الرئيسية لا يؤدي إلى إنجاح أي مؤتمر ويجهض المساعي الروسية التي أرادت من لقاءات موسكو التشاورية أن تمثل قاعدة يؤسس عليها لطرح حلول ترضي الشعب السوري وتمثل آماله وطموحاته في إنهاء الأزمة وإدانة الإرهاب والدول التي ما زالت تدعمه وتسعى إلى إطالة معاناة الشعب السوري من الحصار الاقتصادي الجائر وتدمير البنى التحتية وتهجير المواطنين من مساكنهم.
وهو ما أوضحه رئيس الوفد الحكومي السوري بأن آراء بعض المعارضين خارج قاعة الاجتماع تؤكد ارتباط البعض بالدول التي لا تريد الخير لسورية وأن القفز إلى جنيف3 سابق لأوانه.
يبقى أن نقر بأن ما تم الإتفاق بشأنه من نقاط هامة يمثل عناصر كان لا بد من إقرارها، فهي تمثل ما يرغب به المواطن السوري ويراه مقدمة لأي اتفاق يمكن أن يكون طريقاً لحل الأزمة التي أصابت سورية جراء العدوان الجائر عليها، ولذلك على المعارضة أن تعمل على ملامسة مشاغل المواطن السوري قبل أي شيء آخر.