أيام قليلة تفصلنا عن ذكرى الجلاء الذي نستلهم منه اليوم دروس الفداء والإباء، هذه الدروس تعلمنا معاني الكرامة والحرية ، فمعركة الجلاء مستمرة على ارض الجولان الغالي، حيث يقف اهلنا بكل شموخ وكبرياء في وجه الاحتلال الصهيوني وهم صامدون على الرغم من ارهاب هذا المحتل وهمجيته.
تأتينا ذكرى الجلاء ومدرسته مستمرة.. متجدة تؤكد عزة العرب في وحدتهم وتضامنهم وحريتهم.. وفي مقاومتهم هذا النهج الذي يعلي شأنه القائد العربي السيد الرئيس بشار الأسد.
فإرادة المقاومة وثقافتها هي مكون أصيل من مكونات مجتمعنا، نتعلمها جيلا بعد جيل، لأن المقاومة تكمل مسيرة النضال والكفاح، تماما كما صنع أبطال الجلاء تاريخ الأمة، هذه الأمة التي سيطرت عليها الفرقة والتشتت وحتى الضياع.
ونحن في سورية نفخر بدعمنا للمقاومة لأنها تأتي في إطار نهجنا الوطني، هذا النهج الذي عزز دور بلدنا وحصنها أمام كل الضغوطات والتهديدات التي كانت تستهدف الأمة في وجودها وحاضرها ومستقبلها وحتى في عزتها وكرامتها .
إننا بعد أيام قليلة نحتفل بذكرى الجلاء وبلدنا سورية قوية بارادتها ويقينها، وتمسكها بقيم العزة والاباء، وهي -أي سورية-التي يعرف شعبها كيف يصون استقلاله، ويدافع عن الحرية والكرامة.. انها قوية بجبهتها الداخلية المتماسكة، ووحدتها الوطنية وفوق كل ذلك هي القاعدة الاساس لإطلاق طاقات الوطن، وخيارات توجهه الوطني والقومي، ودعامة لاستقلاله الاقتصادي الذي يتلازم مع الاستقلال السياسي تعزيزا لحرية الوطن، وضمانا لمستقبل الأجيال ، وبذلك يكون الجلاء كما يكون هذا الاستقلال الكامل دعامة اساسية للمشروع القومي العروبي الذي نتطلع ويتطلع معنا كل أحرار العرب إليه.
إن الحديث عن ذكرى الجلاء لم يعد حديثا جامدا من التاريخ، انما هو حديث حول مستقبل الوطن والأمة، لأن المخاطر كبيرة تتهددنا في الوجود والكيان، واستذكارنا للجلاء إنما هو استذكار لأخذ الدروس والعبر، وليكون رمزاً لنا جميعا، فالمحتل الذي غزا أرضنا في السابق ما خرج منها إلا وقام بدعم محتل آخر بهدف ابتلاع أجزاء منها، ولاستمرار السيطرة عليها، والحيلولة دون قيام كيان عربي له مكانته وتأثيره في الساحة العالمية.
ونحن نستذكر الجلاء وملاحمه البطولية علينا ان نتعلم من هذه الذكرى حب الوطن واحترام الأرض وقدسيتها، ولنعلم أبناءنا ثقافة المقاومة لأنها تعني الانتصار، ولأن كل أرض محتلة هي أرض مقدسة وجب الدفاع عنها والتضحية من أجل تحريرها، وعلينا ان نتعلم ان التمسك بالثوابت انما يحمي لنا امننا وكرامتنا وحريتنا، وسورية بلدنا استطاعت رغم الأنواء العاتية ان تكون في موقع القيادة وهي تواجه المؤامرات التي كانت تهدف الى بسط النفوذ والهيمنة على المنطقة.. تحملت الأعباء في مواجهة الأخطار .. عززت النضال القومي والمسار التضامني الوحدوي..
وباختصار يمكننا القول: ان الدرس الخالد الذي صاغته ملحمة الجلاء التي نحتفل بذكراها الرابعة والستين يؤكد ان الظلام لا يمكن أن يقف بين ارادة الشعب وبلوغ الفجر..
asmaeel001@yahoo.com