الرؤساء الأميركيون عموماً يتمتعون بصلاحيات كبيرة.. إنه النظام الرئاسي.. والرئيس هو الخيار الأوضح والأعلى للشعب الأميركي.. وبالتالي هو أقوى من الكونغرس وغيره..
لكنه غير مطلق الصلاحية.. ولا يواجه الكونغرس فقط.. بل يواجه قوى ضغط متعددة متشعبة فاعلة، لا يشكل الكونغرس إلا إحدى أدواتها.
النيات الطيبة لدى الرئيس أوباما بدءاً من منع انتشار السلاح النووي في العالم مروراً بقانون الخدمات الصحية في الولايات المتحدة وليس انتهاء بموقفه من قضية سلام الشرق الأوسط تبدو إلى حدٍ كبير مرتبكة وقابعة، حيث هي نيات وفقط.. إنه تأثير قوى الضغط.
لقد كسب معركة القانون الصحي.. على المبدأ الذي كسب به انتخابات الرئاسة.. على أساس أنه رجل نيات طيبة.. يتجه إلى خدمة الشعب الأميركي.
وبالتالي هو تحدى قوى الضغط داخل الولايات المتحدة برصيده الشعبي.
هذا الرصيد لا يخدمه بالمستوى نفسه في سياسته الخارجية.. هذه طبيعة الشعب الأميركي يهتم بشؤونه الداخلية ونسبته الغالبة لا يتأثر بالمواقف الخارجية، ويترك أموره يقودها الإعلام.. هنا تبدو قوى الضغط أشد، وكثيراً ما تضعه في الإحراج.
أهم الضغوط التي تتعرض لها النيات الطيبة لدى الرئيس الأميركي في سياسته الخارجية تأتي من القوى المؤيدة للصهيونية وإسرائيل، والفاعلة ولا سيما في الإعلام.
المسألة لا تقف عند حدود توجهه لسلام الشرق الأوسط حيث الإحراج الإسرائيلي له في قمته، بل تتعدى ذلك إلى العالم كله.. بما في ذلك التنسيق السياسي والعسكري بين الولايات المتحدة والاتحاد الروسي كأكبر قوتين عسكريتين في العالم وفي التاريخ..
كل ما له علاقة بخفض التوترات في العالم, والتراجع عن التسليح، ومنع انتشار أدوات الدمار الشامل، والمساواة أمام القانون والاتفاقات الدولية.. يخيف إسرائيل إلى درجة الرعب.
ولذلك هي ضد كل ضبط أو تخفيض للانتشار النووي بدءاً من ستارت 2 وانتهاء بقمة واشنطن.
قمة واشنطن مهمة.. إن أعطيت لها الجدية التي تستحقها.
يعني تخصيص مثل هذه القمة غير المسبوقة بضمانات لعدم وقوع السلاح النووي بأيدي مجموعات إرهابية هو إحراج للجدية.. بل.. لا جدية.
ويعني أيضاً أن يكون المؤتمر بخصوصية رؤية بمنظارين لدول العالم المتعاملة بالإنتاج النووي.. هو أيضاً لا جدية.
العالم يحتاج إلى مؤتمر جدي يطرح الأمور من زواياها الصحيحة والدقيقة.. ولا يحتاج إلى مؤتمر انتقائي يعمل على أساس التصنيف السياسي الأميركي لدول العالم.
لا شك أننا نرفض كلية أي سلاح بأيد إرهابية.. نووياً أو غير نووي حتى السلاح الأبيض لأننا ضد الإرهاب بكل أشكاله ومكوناته وأساليبه.
ونحن بالتأكيد مع الأمن النووي، هذه مصلحتنا ومصالح بلداننا وشعوبنا ولسنا بمغامرين ومضحين بذلك كله.
جدية المؤتمر التي ننتظرها تبدأ من وحدة الرؤية للسلاح النووي وانتشاره ومخاطره.. وإلا بقينا نقاتل بالنيات الطيبة التي يحولها افتقاد الجدية إلى الانعدام أو إلى النيات غير الطيبة.
الرئيس أوباما وأميركا والمؤتمرون هناك يعلمون جيداً أن الأمن النووي العالمي يواجه أولاً وقبل كل شيء الموقف والسلاح النووي الإسرائيلي.
هذه حقيقة لا يجهلها أحد.. جاهر بها الزعيم التركي الكبير رجب طيب أردوغان.. أم تجاهلها الأشقاء العرب.
a-abboud@scs-net.org