باختلاف الكون ونظرته إلى العراق وما يأمله من اتجاهات يمكن أن تؤثر على مصير هذا البلد الذي واجه أسوأ محنة عرفتها البشرية مع مطلع القرن الحادي والعشرين عبر الاحتلال الذي تعرض له.
واحدة من الأمنيات الكبرى أن تكون الانتخابات تلك البوابة التي تساعد العراق على الخلاص من ذلك الاحتلال البغيض الذي كلفه ثمناً باهظاً تكاد أرقامه أن ترهق أي مخيلة، مثلما يؤمل أن تكون المدخل المقابل لاستقرار العراق لكي يستعيد عافيته، ودوره وموقعه الذين صادرهم الاحتلال.
والواضح أن هذه التطلعات اليوم ربما كانت الدافع الأساسي للمشاركة العراقية في الانتخابات رغم ما أحاط بها من منغصات وما شهدته من عمليات استهدفت العراقيين، وهي أيضا ستظل المحرك لترجمة ما أعلنه العراقيون في صناديق الاقتراع.
ولا يخفى على أحد أن مهمة إنهاء الاحتلال تشكل أولوية لدى غالبية الشعب العراقي، بل عامل الإجماع الضروري وعلى هذا الأساس يفترض أن تكون المهمة الأولى لأي حكومة عراقية منبثقة عن هذه الانتخابات، وأي خروج عنها سيشكل طعنة للعراقيين الذين تحدوا كل الصعوبات من أجل الإدلاء بأصواتهم.
لذلك كانت الأصوات السياسية المحذرة من أي عملية تلاعب بالأصوات تنطلق من خشية التأثير على مجرى التوجهات الحقيقية للعراقيين وأن يكون الثمن المقابل لها تعديلاً في الأولويات التي شكلت هاجساً ملحاً على العراقيين لإنهاء المحنة التي تواجههم، وبالتالي العودة إلى المربع الأول وما شهدته السنوات الماضية من عجز سياسي ناتج عن تهور بعض السياسيين العراقيين.
وإذ تبرز التباينات الكبرى في الأمنيات المتناقضة التي تحكم اتجاهات المتابعين والمهتمين بالانتخابات العراقية فإنها بصورتها التي ستقررها نتائج الفرز بشكلها النهائي، ستكون واحدة من الرهانات التي تبقي العراق في موقعه الطبيعي داخل جواره الجغرافي وعلاقاته المتميزة مع هذا الجوار.
ما هو مؤكد حتى اليوم أن العراق يمر بلحظة حاسمة لا بد أن تترك تداعياتها على الكثير من تفاصيل المشهد العراقي في المرحلة المقبلة، وهو ما برز في التسريبات الأولية عن النتائج والتي عكست إلى حد بعيد الصورة الأولية لعراق يتطلع أبناؤه إلى غد ينتفي فيه الاحتلال، وتنتهي معه الكثير من المحسوبيات وحالات الضياع التي أدخلت العراق في متاهات لا تنتهي من الحسابات الخاطئة، وما كتبه العراقيون بأصواتهم يجب أن يكون المؤشر على خيارات السياسة العراقية في المرحلة المقبلة.
a-k-67@maktoob.com