لا أحد يمكنه أن يستهين بالواقع العراقي.. ولا حاجة لتنبيه من أحد.. لكن إذا أخذنا ما قاله الرئيس أوباما كاملاً، يتضح فيه طابع الإنذار.. يعني هو من ناحية يتحدث «عن أيام صعبة» ومن ناحية ثانية يؤكد أن قواته ستنسحب من العراق العام القادم.. وطالما أنه لا سر في هذا أو ذاك يقتضي التنبيه له، إذاً هو الإنذار الذي يتطلب تحاشيه.
هل يصح هذا الكلام دعاية انتخابية؟!
يجب أن نتذكر أنه في الحديث نفسه أبدى إعجابه بالعملية الانتخابية الجارية اليوم على مستوى فرز الأصوات.
ومع ذلك أقول:
ليس بالضرورة أن تكون دعاية انتخابية.. وقد تكون في الحالتين.. مَنْ الذي يمكن أن يفيد من كلام الرئيس أوباما؟..
بالتأكيد هي القوائم أو القائمة التي تنذر بالعواقب الوخيمة للانسحاب الأميركي..
طبعاً نحن لا نعطي كبير الأثر أو الدور لرؤية الرئيس الأميركي في حسم موقف الناخب العراقي .. لكن هذا التخويف من أيام صعبة مقرون بتأكيد الانسحاب.. يعني لقاء بين الخائفين المزعومين.. المخوفين بالتأكيد.
المنطقي سياسياً وتاريخياً وموضوعياً أن يكون رهان الناخب العراقي هو أولاً على القوائم التي تؤكد ضرورة انسحاب القوات المحتلة من العراق وليس للتي تدعو إلى استمرار وجودها.. كي يستمر وجود أشخاصها في السلطة..
وبرأينا أن التراجع المحتمل لقائمة ما يعرف بـ «دولة القانون» ورئيسها نوري المالكي، يرتبط نسبياً بهذا الموقف.. طبعاً إضافة إلى أداء حكومته عموماً.. ونتوقع على الأقل أن نرى فارقاً كبيراً في نتائج الانتخابات البرلمانية القائمة عنها في الانتخابات البلدية الأخيرة.. لا يمكن لأحد أن يستهين بموقف المواطن العراقي بين حرية واستقلال بلده الذي يقتضي بالضرورة انسحاب جيش الاحتلال..
صحيح أن نوعاً من «البجاحة» في ادعاء الفهم والتفهم لأهمية وجود المحتل تظهر في الإعلام وبصوت قوي.. لكن..
نفترض أن الأغلبية الكاسحة للشعب هي أولاً وقبل كل شيء مع خروج المحتل.
بعد ذلك.. يمكن أن تكون المسافات متقاربة بين رؤية المواطن وموقف القوائم الانتخابية.
يعني.. نستثني القوائم المؤيدة لاستمرار الاحتلال ولو مؤقتاً.. ثم نقول:
يختار العراقي وفق رؤيته وكما يريد.
نتوقع أن الولايات المتحدة تعلم جيداً أنه من الصعب على القوائم المؤيدة للاحتلال أن تحسم المعركة الانتخابية لمصلحتها.. لكنها يمكن أن تراهن على صعوبة تشكيل ائتلاف ما.. وبالتالي على استمرار الحكومة القائمة اليوم لأشهر طويلة كحكومة تصريف أعمال في ضوء النتائج المتوقعة للقوائم المختلفة.
الولايات المتحدة ولو استمرت في إصرارها على سحب قواتها.. يمكن أن تراهن على القوائم التي تدعو إلى استمرار وجود هذه القوات.. لإنهاء وبشكل طبيعي الأقرب لها والأكثر خدمة لمصالحها.
محصلة القول:
لا نعتقد أن السلام قد عمّ العراق، فما زال الإرهاب يضرب بكثافة موجعة العراقيين «وهو موجع لنا أيضاً».. ولا نعتقد أيضاً أن انسحاب الجيش الأميركي المحتل سيؤدي إلى تفاقم العمليات الإرهابية!! نفترض أن المقاومة العراقية التي تحدت قاعدة العمل الوطني القومي والتضحية هي الجديرة بالتصدي للإرهاب.. وسيكون لها الإمكانية الكبرى لدور فاعل وفعلي في عراق لا احتلال فيه ولا سياسة تدعو إلى استمرار الاحتلال..
a-abboud@scs-net.org