ولا شك أن كل عاقل وشريف في هذا البلد يحرص على أن تتم هذه النقلة بيسر وسلاسة ومن دون دفع أثمان باهظة، كما يحصل في بلاد عربية ليست بعيدة عنا. وتقع مسؤولية تسريع الخطوات الكفيلة بانجاز هذه الاصلاحات على عاتق جميع الاطراف في البلاد من الحكومة وقوى المجتمع المدني وعموم الشعب، فضلا عما قد نسميه المعارضة الوطنية. وهذه المعارضة، لو لم تكن موجودة،لوجب المساعدة على ولادتها ونموها في أجواء طبيعية بعيدا عن التخوين أو أي نظرة ضيقة تقصي الاخر ، تحت أي ذريعة كانت، ما دام الجميع يعمل تحت سقف الوطن الذي يمكنه أن يتسع لجميع المخلصين ممن تجمعهم الرغبة المشتركة في سلام وخير البلاد، والذين يرفضون العنف والتدخل الخارجي كأسلوب للتغيير أو التعبير عن الرأي.
علينا جميعا أن نعترف بأننا ربما لا نكون مؤهلين بما يكفي للتعايش الودي والقبول الصريح بآراء بعضنا البعض، ولا زالت تحكم الكثير منا عصبيات ومواقف مسبقة، نتجت ربما عن ضعف التواصل والحوار فيما بين أبناء البلد الواحد في الفترات الماضية، وربما نتج بعضها عن تداخلات خارجية، قبلها البعض بحسن أو سوء نية، ونعلم جميعا أنها لا تضمر خيرا لسورية حكومة وشعبا.
ولعل في مقدمة مكونات هذه الروحية الجديدة هي عدم الانخراط في أجواء الاستفزاز والتشنج والاتهامات التي لا طائل منها، والتي لا تساعد الا في توسيع رقعة الشقاق وسوء الفهم، والتركيز بدلا من ذلك على ما يجمع بين أبناء البلد الواحد، وهو كثير، وليس على ما يفرق، وهو قليل، لكن ثمة من يسعى إلى تضخيمه ودفعه إلى الواجهة ليكون صادا ومانعا للوحدة الوطنية القائمة على احترام الاخر، وجودا وثقافة وفكرا، وتثمير هذا الاختلاف في الآراء لصالح بناء الوطن وتسريع عملية الإصلاح التي تحتاج بالتأكيد إلى رأي كل العقلاء والشرفاء في الوطن على اختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية.