|
تراجع على الملأ وكانت العملة الأوروبية الموحدة قد حققت ارتفاعات بدأتها من سعر يقل عن 0.85 دولاراً ليتجاوز 1.62 دولاراً قبل نحو عامين متزامناً مع ارتفاع سعر النفط. أما اليوم فإن هذا التراجع يتزامن مع بوادر التعافي الاقتصادي واستمرار مراوحة اسعار برميل النفط بحدود الثمانين دولاراً الامر الذي يجعل اقتصادات منطقة اليورو ترزح تحت عبء فوارق اسعار الصرف في سعيها لتأمين احتياجاتها من الطاقة وخاصة في فصل الشتاء الحالي، أما من جانب مقابل فإن هذا الانخفاض يساعد الاقتصادات الأوروبية على رفع صادراتها ومنافسة الصادرات الاميركية التي تواجه تراجعاً لأكثر من ثمانية عشر شهراً والسؤال المهم في هذا المجال: هل من علاقة بين انخفاض سعر صرف اليورو أمام الدولار والظروف المستجدة والتطورات في العلاقات الاقتصادية و الدولية تؤثر في العلاقات السياسية والاقتصادية كثيراً على اسعار الصرف عموماً ففي ظل استمرار الازمة الاقتصادية العالمية وبروز خلافات جديدة ما بين الولايات المتحدة والصين تأخذ المواجهة اشكالاً متعددة يكون الاقتصاد أحد أوجهها فشركة غوغل الاميركية هددت بسحب خدمتها من الصين بعد اتهامها بعمليات قرصنة الكترونية لأربعة وثلاثين شركة أميركية كما عقدت واشنطن معاهدة مع تايوان لتزويدها بالاسلحة بما يمهد لتوتر جديد واحتمالات مواجهة عسكرية ما بين بكين وتايبيه فضلاً عن عودة الصراع بين العملاقين الكبيرين الصين والولايات المتحدة. وهنا تلعب الصين دوراً مهماً في الاقتصاد العالمي باعتبارها حافظت على معدل نمو مرتفع قارب 8٪ كما حافظت على سعر صرف (يوان) منخفض يساعد على المنافسة أمام اليورو والدولار والين والاسترليني على السواء وهو ما يعتقد أنه دفع بالشركات الغربية للعمل على الحد من اندفاع الاقتصاد الصيني المتعاظم. ولكن في ظل مواجهة التنين الصيني فإن تناقضات ثانوية تبرز بين الاقتصادات الغربية نفسها ترتكز الى رغبة الولايات بالسيطرة على حليفاتها التقليديات في القارة العجوز وبالتالي فإن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سعى خلال الفترة الماضية الى تثبيت دولار منخفض يطرد البضائع الأوروبية من دائرة المنافسة وخاصة داخل الولايات المتحدة وبالتالي فإن المستقبل ينذر بتصاعد الخلاف وتضارب المصالح ما بين الولايات المتحدة، وأسود الإتحاد الأوروبي فيما إذا استمر تراجع سعر صرف اليورو، وباعتقادي إن الجهود الأميركية سوف تنصب خلال الفترة القادمة إما لفرض آليات مالية ومصرفية جديدة، أو السعي للتوافق خلال لقاءات ومؤتمرات دولية لإيجاد آلية جديدة، تتوافق مع ما طرحه الرئيس الفرنسي من دعوة لإيجاد نظام اقتصادي جديد يكون قادراً على تجاوز العقبات والمشكلات التي أفرزتها الأزمة الأخيرة.
|
|