| شهود الزور ومكنسة التاريخ قضايا الثورة هو ذاته الذكاء الذي كان, ولعله لا يزال, يكتشف دوراً لسورية في الاغتيالات السابقة حتى قبل وقوعها, وهو عينه الذكاء الذي قدر ان الاجراءات السورية المتخذة على الحدود مع لبنان هي انتقام سوري مبيت, ولعله هو الذكاء الذي يواصل اكتشافاته غير المعروفة عنه, والذي ربما يرى غداً ان زواج شاب في سورية سيعني بالضرورة عنوسة فتاة في لبنان. ومع هذا, فالمشكلة ليست مع اذيال المؤامرة التي تحاك حول لبنان وسورية مجتمعتين, وليست مع بيادقها وابواقها وطبولها, بل هي مع من يكتب فصولها ويخرج مشاهدها من خارج المنطقة اما الممثلون فيستعيرهم من داخلها, المشكلة مع الزمن المراق كالدم والفاصل بين الجريمة وبين اكتشاف اللبنانيين للجناة الحقيقيين فيها, مع كذبة واحدة زلزلت دهراً من الصدق. عشرات الاقمار الصناعية الاميركية والفرنسية والبريطانية التي تتجول في فضاء المنطقة وترصد حركة اسراب النمل على الحدود السورية اللبنانية نجحت حتى الآن حتى في رصد فكرة سورية تتجول في عقل لبناني لكنها, عجزت وحتى الآن, عن رصد مدبر واحد لاغتيال واحد من تلك التي جرت في لبنان حتى اليوم, ودون ان تعجز عن استحضار رهط من شهود الزور يحضرون الى موقع الاغتيال قبيل وقوعه مدججين بالمراسلين والمحطات الفضائية من كل حدب وصوب, وليظن المرء للوهلة الاولى ان اول من يطلق التفسيرات والتحليلات, هو اول من رتب الاغتيال وخطط له, لكن, بذكاء صناعي يفوق كثيراً ذكاده الفطري! ليس انتقاماً, ان يعمد المرء الى اجراءات امنية تصون داره ودار جاره وشقيقه, فكيف يستوي الامر اذا كانت داره هي دار الجار الشقيق - هل ينتقم عاقل من ذاته? سنعيش كثيراً وسنرى كثيراً ونسمع اكثر, وتجربة التاريخ تقول لنا كل يوم ان ثمة مكنسة تكنس الفضلات بعد كل وليمة تشبع فيها الذئاب الضالة يوماً ثم تجوع دهراً. اقرؤوه .. أليس الذكاء المكتسب جزءاً من التاريخ?
|
|