وأرض إميل زولا ويوسف شاهين وغيرهما من كتاب وفنانين عظماء بنوا على معنى الأرض في وجود الانسان و تحولاته... و أعني بها أيضاً أم الموارد الاقتصادية، و الصورة المعاكسة للاقتصاد الافتراضي الذي يقيم سعر الدولار ويقيم به. ولا أرى في دول العالم قاطبة دولاً حلّقت في عالم الصناعة والتجارة و «الدولار» على أرض مهملة و إنتاج منها متخلف.
سأعترف لمنهج العمل السوري في نصف القرن الماضي «1963-2013» باهتمامه الفعلي بالأرض كمصدر للثروة وكرامة وحياة الانسان. تعزز الموقف الحكومي السوري من الأرض وأعني به الموقف الذي قادته سلطة البعث العربي الاشتراكي بمشاريع للعمل ضخمة وظفت في الأرض وأموال جيدة دفعت للفلاحين أثماناً لبعض محاصيلهم دون اعتبارات لكذبة الدولار المعممة.
ولاأنكر ولايمكنني أن أنكر أن ذاك التوجه أشابته شوائب ربما غير قاتلة.. لكنها بالتأكيد قاهرة. ومع ذلك و على أساسه قامت نهضة سورية حقيقية خلال نصف القرن هذا، كانت دائماً تتحداها الشوائب التي ألمحت له وفي مقدمتها ثلاث:
أولاً: الفساد الذي رافق مشاريع الدولة تلك في دعم العمل على الأرض مما زاد في كلفة الانتاج ورفع الأسعار وساهم في بقاء التخلف الاقتصادي مرافقاً للنمو في سورية.
ثانياً: ذلك كله دفع بالأبصار إلى عسل الاقتصاد الافتراضي و أوهام «الدولار» مما سهل خلق فئة اقتصاديين يهاجمون وبجرأة ما تقدمه الدولة لدعم الأرض.
ثالثاً: ثم جاء زمن مع تقدم العولمة الدولارية انتقل فيها العديد من هؤلاء إلى أخطر مواقع القرار الاقتصادي «عبد الله الدردري رئيساً للجنة الاقتصادية... أديب ميالة حاكماً لمصرف سورية المركزي... وغيرهما كثر» ولا أريد هنا وبالمطلق أن أهاجم أياً منهما أو غيرهما، ولا أنا أنتقد منهجه في التفكير والعمل إن كان متوفر لديه !! بل أقول: أنهم كانوا يختارون بمعزل عن فهم امكاناتهم وتوجهاتهم ومانحتاجه نحن في هذا البلد ؟! و هذا ما يطرح السؤال الأهم والشائبة الحقيقية للعمل في سورية: كيف يتخذ القرار ؟ وكيف يتم اختيار الأشخاص في مواقع القيادة الفعلية للحياة السورية.
عندنا في سورية جرت المفاهيم في اختيار الإدارات وعملها أن الوزير يدير وزارته وليس العمل المرتبط بها وكذا المدير والحاكم وغيرهم... وهكذا تمضي الأمور بسلام ظاهر يخفي عجز باطن مخجل إلى أن نواجه أزمة أية أزمة، فيذوب الثلج..... ووحدها الأرض تستطيع أن تقرر سعر الليرة وليس الدولار !!
as.abboud@gmail.com