هذا الكلام تردده اليوم حناجر ربات البيوت وهن يتابعن بالكثير من الدهشة حال الأسواق والأسعار التي تجاوزت جميع الضوابط ، فالمكدوس صار من الذاكرة الماضية وبات ينافس الذهب لدرجة أن أحدا لم يكن يتخيل أن يصل سعر كيلو الجوز البلدي إلى خمسة آلاف ليرة وسعر ليتر الزيت النباتي إلى أكثر من 650 ليرة أما زيت الزيتون فنافس على عتبة 850 ليرة وهكذا صارت المكدوسة بدولار والقادر يدفع ويموّن ويغازل التجار. .
السمون والألبان والأجبان هي الأخرى أصابتها حمى جنون الأسعار فما عاد باستطاعة ربة البيت أن تشتري لأيام الشتاء مونة البيت . وتاهت في ترتيب أولوياتها لتمد بساطها على قدر إمكاناتها فترفع شكواها للواحد القهار وتشكو للمسؤولين ما فعله بأسواقنا ضعاف النفوس وتجار الأزمات والمضاربون بالدولار.
ومثل ما ذكرنا فإن حالة الخضار التي كانت ترافق الأسرة السورية تفريزاً وتقديداً وتجميداً لتزين موائد السوريين التي كانت عامرة أيام الشتاء. باتت اليوم غير ذلك، فالكثير من الفلاحين ما عاد يزرع الخضار، ومن يفعل يجعلها في البورصة , وبين قدرات الناس المالية وواقع الحال ما عاد هناك ما يريح البال ، فساءت الأحوال وذهب الرقيب في إجازة يبحث عن تفسير لما تعنيه الحيازة، فلا هو يسأل وليس هناك من يكترث أو يسأل.
ومع ذلك لم يفقد الناس البسطاء الأمل فشدوا الأحزمة على البطون، وأسقطوا المواد التي ذكرناها أعلاه من حساباتهم ، ورسموا لها صورة كبيرة علقوها على جدران منازلهم، ورفعوا الصوت بالصراخ علّ هناك من يلبي النداء ويسعف حالهم بقرارات حكيمة وإجراءات عظيمة تضرب بيد من حديد على أيادي المحتكرين والفاسدين وتجار الأزمة، وتعطي التعليمات الصارمة لمؤسسات التدخل الحكومية التي باتت الرجاء والسند فتطرح المواد وتضبط الأسعار وتعيد التوازن لأسواق البلد.
ولأن ذلك ممكن ومتاح ، فصار من حق المواطن أن يريح ويرتاح ، فأول الغيث الحكومي صار حقيقة وبدت بشائره ، بصدور قرارات مهمة بتخصيص المواطن بحصة معقولة من المواد الغذائية الأساسية توزع بموجب البطاقات التموينية والعائلية , بسعر مدعوم . ومواطننا بقليل من الصدق والمصداقية يصرف النظر عن مونة هذا العام , شريطة ألا يطول المطال وتعود الحكاية لفصولها العتيقة، فهل يسمع الصوت من عليه كبير الأمل والرجاء؟.