تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الإفلاس

معاً على الطريق
الثلاثاء 23-7-2013
خالد الأشهب

هو التوحش عينه الذي يراه كارل ماركس درجة هي الأعلى في سلم تطور الرأسمالية وتراكماتها, والتوحش ليس أنياباً وأشداقاً مفتوحة فحسب، وليس التهاماً وابتلاعاً فقط، بل هو أيضاً سقوط أخلاقي مدو عند الكائنات البشرية حين تبلغ مبلغ الشبق الأعمى في افتراس الآخرين.. حتى دون جوع أو حاجة أو عطش!

هو التوحش الرأسمالي الذي يجعل دولة عظمى كالولايات المتحدة الأميركية، يلتف حولها ويتحالف معها الكثير من الدول والحكام في أربع جهات الأرض انسجاماً أو ولاء أو نفاقاً سياسياً، تسمي أقرب هؤلاء الحلفاء إليها باسم «الأعداء»، وفق ما كشفت عنه الأوراق والوثائق التي نشرها ادوارد جوزيف سنودن المستشار في وكالة الأمن القومي الأمريكية السابق والمنشق الهارب في روسيا حالياً، ووفق الصدمة التي فتحت فاه المستشارة الألمانية على آخره حين علمت بتوصيف شعبها وبلادها، كما الشعوب والبلدان الأوروبية الأخرى، في العقل الرأسمالي السياسي الأميركي، وبالتالي في الوثائق الأميركية المتداولة سراً بين أخاديد هذا العقل ومنحنياته.. وأتساءل هنا : ترى أي تسمية إذاً يطلقها هذا العقل على العرب حين يتداول أمرهم سراً وفي الوثائق.. إذا كان يحتقرهم علانية ؟‏

هذا جانب أخلاقي، أراه هو الأهم، في ما تداعت إليه فضيحة التجسس الأميركية التي كشفها سنودن قبل أن يطلق ساقيه للريح، إلى جانب الأسرار والمخططات التي باتت مفضوحة، وكذلك الحريات العامة والفردية وقد باتت مهدورة في بلد يدعي الصلاة قياماً وقعوداً عند مذبح الحرية وحقوق الإنسان، بل ويشن الحروب ويقتل البشر ويدمر البلدان تحت عناوينها!‏

حضور العقل البشري يعني بالضرورة حضور منظومة أخلاقية تتفاوت سمواً.. لكنها في النهاية مرتبطة مباشرة بهذا العقل، إذ لا منظومات أخلاقية لدى الحيوانات، وحده العقل البشري تعرف إلى الأخلاق بمعناها الفلسفي من حقوق وواجبات ومسؤوليات، تعلمها.. عمل على هديها لأنه بشري ولأنه أراد أن يتميز بها بوصفه إنساناً ومخلوقاً عاقلاً، فإذا توحش هذا العقل ارتد إلى الحيوانية وانحط أخلاقياً والعكس صحيح.. ورأسمالية أميركا اليوم بلغت التوحش والافتراس فانحطت أخلاقياً!‏

لكن السؤال الأهم.. إذا كان الأميركيون أنفسهم يداخلهم الشك والريبة في ما تنحو إدارة بلادهم نحوه، والأوروبيون مثلهم مصدومون وعلى طريقة المستشارة ميركل.. فلماذا يراوح الكثير من العرب حتى اليوم في هامش الحلم الأميركي الوردي.. هامش الحرية وحقوق الإنسان المحفوظة، وهم يعلمون أن أميركا تتسلل حتى إلى مخادعهم وحجرات نومهم؟‏

رأسمالية أميركا بلغت ذروة توحشها، وانحطاطها الأخلاقي بلغ حضيضه، فأي نوع من الإفلاس أعلنته المدينة الصناعية الأميركية الكبرى ديترويت قبل أيام؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2200
القراءات: 2101
القراءات: 2523
القراءات: 2479
القراءات: 2255
القراءات: 2622
القراءات: 2567
القراءات: 2504
القراءات: 2273
القراءات: 2596
القراءات: 2808
القراءات: 2700
القراءات: 2402
القراءات: 2861
القراءات: 2929
القراءات: 3011
القراءات: 2793
القراءات: 3170
القراءات: 3120
القراءات: 3226
القراءات: 2623
القراءات: 3093
القراءات: 3578
القراءات: 3341
القراءات: 3398

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية