فالحرب محتدمة، والعقوبات الاقتصادية الجائرة على سورية تشتدّ، والأسواق الخارجية مُغلقة، غير أنّ اتحاد المُصدّرين، الذي ترجم أرقى حالات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، استطاع بمعلوماته وقنواته وجديّته، أن يتأكّد من إمكانية التصدير، رغم كل شيء، فصحيح أن هناك عقوبات جائرة من العديد من الدول، ولكن بالمقابل هناك دول صديقة، وأسواقها مفتوحة، وترحّب بالمنتجات السورية المختلفة، التي ما عليها سوى الالتزام بالجودة، وقواعد التصدير بشكلٍ جاد.
لم يكن من السهل على الاتحاد إيصال هذه الفكرة إلى مساحة القناعة في عقول المصدّرين، فهو ما يزال حديث العهد، ولا يمتلكُ ذلك الإرث في العمل، الذي يمكن الركون إليه حتى يكون مُقنعاً للآخرين، فما أنْ تأسّس في عام 2009 وبدأ يتحضّر لتثبيت أركانه استعداداً للبدء بتحقيق أهدافه وتنفيذ مهامه، حتى بدأت الحرب، وراحت تتصاعد وتشتد، وأغلقت الأسواق، وأطبقت علينا العقوبات، وتعرّضت الكثير من شركات الإنتاج للدمار والتخريب والإغلاق، فصرنا في همِّ سدّ فراغات النقص من السلع والمواد التي غابت بفعل ذلك عن السوق.
الحالة صعبة دون شك، وقد سبّبت صدماتٍ محبطة، ولكن الاستسلام للصعوبات والصدمات لن يفيد، وكان لابدّ من اليقظة والبدء بفعل شيءٍ حسب ما هو متاح، وراح اتحاد المصدّرين يستكشف بكل إخلاص ما يمكن أن يفعله، واستطاع بدعمٍ وتشجيعٍ واضحٍ من الحكومة عبر تسهيلات وقراراتٍ داعمة - ولاسيما في الآونة الأخيرة - أن يبدأ بحصدِ نتائج لم تكن متوقعة فعلاً، بل مدهشة، فقد استطاعت البضائع السورية أن تصل اليوم إلى أسواق 90 دولة حول العالم، وهي دول صديقة، ومن تلك التي تقاطعنا، غير أن جودة المنتجات، والتفهّم الحكومي الكبير لأهمية التصدير، وترجمة ذلك إلى قرارات، وتلاقي ذلك مع السعي الديناميكي الحثيث لاتحاد المصدرين، استطعنا الوصول إلى هذه النتائج الرائعة، التي أعادت بمجملها 80% من حجم صادراتنا التي كنّا نصدّرها ما قبل الأزمة، وصار مصرف سورية المركزي يتلقى يومياً نحو 12 مليون دولار، من عقود التصدير، أي نحو 4,5 مليارات دولار سنوياً.
إنّ سورية رغم كل المصاعب قادرة بإمكاناتها على فعل المزيد، وليس فقط تصديرياً، بل سياحياً أيضاً، وصناعياً، واستثمارياً بشكلٍ عام، فقط علينا أن نكسر الجليد والوهم معاً ونعرف كيف نخوض مجال التشاركية بإيمانٍ ووطنية.