| معلومات واسوار حدائق ومزارع حديث الناس كانت مزيجاً عجيباً اجتمعت فيه الدهشة والسخرية والعطف والشك والحياء معاً, ومافهمت وما لم افهم من لغة العيون, فضلاً عن القرف كما اظن, وقال لي.. تريدنا ان نسور الحدائق?! الارجح ان ذلك الاوروبي لايعلم كيف نسور الاملاك العامة عندنا ومن بينها الحدائق, بعضها نسوره بالاسلاك الشائكة وشظايا الزجاج, وبعضها الآخر بالحديد المبروم والمفتول, وبعضها الثالث بجيش من موظفي الاستعلام والهواتف وبطاقات الزيارة, لكن بعضها الرابع, وهي الأحكم إغلاقاً, نسوره بالبلاغات والتعاميم والتوجيهات والانتقامات, المكتوبة والشفهية.. كيف? وزير او مدير يسور وزارته او مؤسسته بتعميم رسمي مطبوع ومختوم, يحظر فيه على جميع مرؤوسيه الادلاء بأي معلومة الى أي صحفي ورقي او متلفز, دون مراجعة المكتب الصحفي في الوزارة او المديرية! وزير او مدير يسور امبراطوريته بحظر مماثل يربطه به شخصياً, وبالتالي فإن أي معلومة يطلبها صحفي تعني استدعاءً وعرضحلجي وآلة كاتبة وغفوة مطولة على مكتب او اثنين او عشرة, ثم موعد الى مابعد اسبوع على الاقل, ريثما يقوم جيش المخبرين بدوره, وعندما تأتي الموافقة الكريمة يكون الصحفي صاحب الطلب قد يئس ورحل او انتحر! وزير او مدير يسور وزارته او مؤسسته بحظر شفهي مرفق بتحذير صارم, يوزع شفاها وبفاعلية اكبر, ويكفي لتعزيز السور وتمتينه انتقام واحد من مرؤوس ما يتحامق فيتكلم او حتى يؤشر بسبابته ليكون عبرة لمن يعتبر, وبالطبع, الكل يعتبر في هذه الحالة. وقد حدث ذلك غير مرة وفي غير وزارة ومؤسسة ومديرية! ليس الصحفي عرّافاً يقرأ مافي الادراج دون ان يفتحها, ولا هو بالطبع سوبرمان يحلق من فوق, او بات مان يتسلق, او حتى جيري يتسلل من تحت, وبالمقابل ليست الوزارة او المؤسسة او المديرية او المحافظة مزرعة يبذرون فيها ويحصدون ويدرسون متى يشاؤون, ولاهي امبراطورية ورثوها بتاجها وصولجانها وفرماناتها! قد يأتي دعي, وبنظرة شبيهة او مقلدة عن تلك التي للأوروبي ذاك ليردح لنا قائلاً.. تريدنا ان نفتح وزاراتنا ومؤسساتنا ومديرياتنا لمن هب ودب? لاياسيدي, اغلقوها وسوروها كما تشاؤون, ولكن افتحوا عقولكم فقط داخل اسوارها!!
|
|