| روحها.. بعيداً عنها!! رؤيـة أصرت تلك السيارة السوداء على أن تطارد الريح بسرعتها، غير عابئة بخفقان قلوبنا المتسارع، حين لمَحت إلى خوفي أجابني الجندي الجالس إلى جانبي (دعينا نصل باكرا).. ! حديثه فيما بعد يشعرك انه مقتنع انه مشروع شهادة.. وأن واجبه الدفاع عن وطنه حتى آخر رمق.. بدا وكأنه تدرب على الخروج من خوفه، كأن الخوف جزء من ماض بعيد بعد خوضه لوقائع معارك واشتباكات جعلت منه شخصا يختلف عن فراس مدرس الانكليزي الذي كان قبل ثلاث سنوات.. أصر على إيصالي إلى باب منزلي، بشهامة بتنا نفتقدها!! لاتستغرق وقتا طويلا لتدرك أن شيئا ما قد تبدل، رحلة الثلاث ساعات القصيرة، لم تتح لي فرصة للتأمل، ولكن شارع هنانو.. الفارغ أغلب الوقت الا من بعض العابرين المجبرين على المرور به، ساحة الشيخ ضاهر بدوارها الصغير و مدرستها العريقة.. وسينما اوغاريت العالقة في ذلك المكان بحزن غريب.. جعلوني أدرك الاختلاف دون حاجة لأي تفكير! أمكنة جعلتنا ندرك أن اللاذقية باتت مدينة أخرى، لاتشبه تلك التي تركتها قبل أشهر قليلة.. الأمكنة ذاتها، الأسواق، البحر.. ولكن إحساس ما يرافقك، يقض سيرك، يجعلك تشعر كأنك التحقت بمن رحلوا، جرح نازف لاتتمكن من تضميده، وخزان من البؤس يفترض به أن يغادرك ولكنه لايفعل.. ! تلك الطلقات التي تشيع الشهداء كأنها تغوص في روحك منتزعة إياها إلى غير رجعة.. السواد الذي يلف المدينة يعطيها مهابة لاتضاهى.. !! روح اللاذقية هي ذاتها لم يختلف، نسيجها البشري، يبدو كتلة واحدة، المهجرون مع المقيمين لايمكنك التفريق، ولكن ترقب وانتظار ولوعة مكبوتة.. عليك أن تكون قد غاردت اللاذقية مرات ومرات قبل زيارتك الأخيرة لتدرك عمق تلك اللوعات التي يحملها هواء المدينة ليرمي بها في وجوهنا نحن الزائرين وكأنه ينبئنا بما لانعلم.. ! غريبة هذه الحياة كيف خبأت لنا كل هذه الحرقة، كل هذا الرعب ورمت به دفعة واحدة في وجوهنا تاركة إيانا نعبر الحياة دون إمكانية التئام جروحنا.. الأطفال لايهدؤون يعيشون في عالمهم، لاهين عن ترصد تفاصيل الحياة التي باتت تقتل كل تفكيرنا، الأصوات القوية، حركة الشارع الصاخبة، الازدحام، الإصرار على زيارات البحر المتكررة.. النسوة القويات القادرات على تجاوز أحزانهن.. وكأنها فرصة لإثبات أننا رغم الحزن، والموت الذي يمد عيونه إلينا، الإيمان بان غداً أروع تستحقه المدينة لابد آت.. !! soadzz@yahoo.com"> soadzz@yahoo.com
|
|