هل نحتاج إلى تفعيل مقولاته, وفلسفته للوقوف في وجه خطر يتهددنا وبشكل جدّي جداً؟
بين وحدة الحق, ووحدة العقل- مقولتا ابن رشد- تاهت مساراتنا وطرقنا, وبدلاً من السير جنباً إلى جنب, تشابكت الطرق وقطّع بعضُها بعضَها الآخر.. احتربنا, وأبلَس فريقٌ منا فريقاً آخر لتحقّ عليه اللعنة والرمي في عمق الجحيم.
ومازلنا نحترب حول النص, رغم أننا في مواجهته نجتاز حجابين: حجاب النص نفسه, وحجاب الزمن الذي مر, وطويلاً, عليه! احتراب بين نصٍ قيل, وزمنٍ راهنٍ يفرض أسئلته وأزماته المختلفة كلياً عن زمن النص.
وبين انتصار ابن رشد للعقل, وانتصار ابن عربي للعرفان تفتّتَ العربي!
يُرجع أحد دارسيْ فلسفة ابن رشد احتماء العرب بالعرفان إلى الكسل, فتفشت ثقافة التأويل والتحليل والتفسير على حساب التفكير والبحث والمكابدة, ما خلق ثقافة التواكل والانتظار. هي إذاً المعركة بين حق الإيمان وحق المعرفة, وبعضنا أو كثيرٌ منا لا يريد توسطاً بينهما رغم أن الاختلاف كامن في طريقة التعبير والاستدلال لا في الغاية.
ما جاء به ابن رشد حول وحدة العقل, وتساوي الأمم والحضارات والثقافات, ينزع فتيل الحرب,ليولد لاحقاً «حوار الثقافات» كبديل عن «صراع الحضارات». أما وحدة الحق, أو مقولته: «الحق لا يضاد الحق», فيقول دارس فلسفته: «لو تعدد الحق لاختلف, ولو اختلف لتضاد, ولو تضاد فسيكذب بعضه بعضاً»!
نحتاج اليوم وبشكل عاجل وإسعافي إلى فكر ابن رشد أو إلى نهضة رشدية تنزع فتيل الحرب بيننا, ثم تعمل على إشعال ثورة فكرية ثقافية حقيقية لن تقوم لنا دولة حديثة مدنية دونها.
suzan_ib@yahoo.com