والتمترس وراء اعتبارات جافة عجفاء يعلمون أن طريقها ليس صعباً فحسب، بل مستحيل، وهي أصلاً مقدمة لاستمرار العمل المسلح ومن وحيه!. وإلا ما معنى هذا الإصرار على «الإسقاط»؟ كل يريد إسقاط الآخر! حتى ضمن التحالف المفترض الواحد ذاته. هل لفت نظركم شكل الحوار التي خاضته فصائل المعارضة في القاهرة ونتائجه؟ تماماً كل يريد إسقاط الآخر.
الطبخة على النار، ولا يبدو من زمن محدد للنضج وكل «يجك» يده، ويقدم مشورته الذي تسبق غالباً رؤيته! أي يشور أولاً وبعد ذلك ممكن أن يقول فتواه إن توافرت لديه فتوى مهما كانت جائرة. حتى الشقيقات العربيات «ما شاء الله وكان» تشور علينا بما لا يخفي الشماتة والرغبة المضمرة في خراب هذا البلد، ولعل آخر ما حرر في هذا المجال ما تفضل به السيد الطراونة رئيس الحكومة الأردنية، بأن لا تفكروا بالحوار أبداً! ذلك لم يعد ممكناً!
لماذا وما العمل إذاً؟
تشير فتوى السيد الطراونة، غير المقترنة بالحيثيات، اللّهم إلا حيثيات الحقد أو الجهل، إلى ضرورة تدخل المجتمع الدولي؟ ولم يحدد كيف، لكن يمكن الاستنتاج من فتوى الطراونة وأمثاله، وما أكثرهم، أنهم يرون الطريق أحد اثنين: إما نستمر بقتل بعضنا وإما نستورد من يقتلنا بتنوعاتنا، وما دامت الفاتورة – فاتورة قتلنا- باهظة التكاليف، فلعل السيد الطراونة يعوّل على حماس و«كرم» جيرانه في الخليج، بما خبر وعرف!؟ أو أن نستمر نحن بقتل بعضنا دون أن يقف عاقل ويسأل: وبعدين...؟!
بصراحة يشغلني إلى حد كبير سؤال: ماذا سيفعل معظم العرب والغرب بعد أن ينهوا ما بأيديهم فعله من عقوبات ومقاطعة دبلوماسية؟ وماذا قدم ذلك كله على طريق تسهيل الحل في سورية؟ وكان آخر ما حرر في هذا المجال أن العرش المغربي، عرش محمد السادس الموروث عن المغفور له الحسن الثاني، لم يعد يقدر تقبل وجود سفير لسورية في المغرب؟ رغم ما عرف عن السادس وقبله والده على وجه الخصوص، من فتح أبواب المغرب لكل أشكال السفراء للعدو الصهيوني! ويروي محمد حسنين هيكل، أن الحسن الثاني كان يضع لواقط صوتية في قاعات مؤتمرات القمة العربية أو الإسلامية توصل كل ما يجري إلى تل أبيب مباشرة، ويربط هيكل بين ذلك وكثرة عقد هذه المؤتمرات في المغرب بناء على طلب الحسن الثاني. أما في الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية، فلعل دم المهدي بن بركة وأمثاله من ذوي الدم النقي، ولا دم أفقير وأمثاله من ذوي الدم الفاسد، لا يكفي لكتابة مقدمة لتاريخ العرش المغربي في الفسق والفساد والإجرام.
لا أقول ذلك لأدافع عن حكومة هذا البلد... أبداً..أبداً.. بل لأنده بكل سوري أينما كان يقف:
انتبهوا أين وكيف صار حالنا! ومن يشفع ويشرح ويفتي لنا! ويقينيّ أن حوارنا إن قصدناه والأولوية للوطن وإنقاذه... سنفاجئ الجميع.
أنا أيضاً لا أرى أن أنان مقدر له أن ينهي المسألة أو أن يرسم بداية النهاية، لكنه الحراك الوحيد الذي يفترض أن غايته السلام.
As.abboud@gmail.com